باب بيع الكلب 2
سنن النسائي
أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا سعيد بن عيسى قال: أنبأنا المفضل بن فضالة، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في أشياء حرمها، وثمن الكلب»
حثَّ الإسلامُ على اتِّخاذِ سُبُلِ الرِّزقِ الطَّيِّبةِ قَدْرَ الاستِطاعةِ، والبُعدِ عن كلِّ سَبيلٍ خَبيثةٍ
وفي هذا الحديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "شَرُّ الكَسْبِ"، أي: مِن أخبَثِ التِّجاراتِ والمِهَنِ الَّتي تعودُ على صاحبِها بالمالِ، "مَهْرُ البَغِيِّ"، وهو ما تأخُذُه الزَّانيةُ مِن مالٍ مقابلَ الزِّنا، ولأنَّ الزِّنا حرامٌ ومِن الكبائرِ؛ فما أُخِذَ عليه مِن مالٍ فهو حَرامٌ، "وثَمَنُ الكلبِ" والمرادُ به بيعُه أو شِراؤُه، والكلبُ مَنْهِيٌّ عن اقتنائِه وتربيتِه، وما تمَّ كَسْبُه مِن ذلك فهو مالٌ غيرُ طيِّبٍ، وقيل: يُستثنَى مِن ذلك كلبُ الحراسةِ والصَّيدِ؛ لأنَّه ذو مَنفَعةٍ
"وكَسْبُ الحَجَّامِ"، أي: أُجرةُ القائمِ بالحِجامةِ، والحِجامةُ هي إخراجُ الدَّمِ الزَّائدِ أو الفاسدِ باستِعمالِ المِشْرَطِ في أماكنَ مُعيَّنةٍ بالجسمِ، وقيل: كَسْبُ الحجَّامِ يَختلِفُ عنِ البَغِيِّ وبَيعِ الكلبِ؛ فالنَّهيُ فيه ليس بالدَّرجةِ نَفسِها، واستعمالُ لفظِ "شَرُّ" مِن بابِ القَدْرِ المُشتَرَكِ بينَهم، وإنَّما هو مِن المكاسِبِ الدَّنيئةِ الَّتي يتَرفَّعُ عنها المُؤمنُ؛ لوجودِ ما هو أفضلُ منها؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قد احتَجَمَ وأعطَى الحَجَّامَ أجرَه، ولو أنَّه حرامٌ لم يُعْطِه، وقيل: هذا الذَّمُّ في أجرِ الحجَّامِ هو للأحرارِ دونَ العبيدِ
وفي الحديثِ: الحَثُّ على مَكارمِ الأخلاقِ، والتَّرفُّعِ عن الأشياءِ المُمتَهَنةِ