باب ذكر ما يستفتح به القيام 2
سنن النسائي
أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن معمر، والأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنت أبيت عند حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أسمعه إذا قام من الليل، يقول: «سبحان الله رب العالمين الهوي»، ثم يقول: «سبحان الله وبحمده الهوي»
ذِكْرُ اللهِ سبحانه وتعالى له فضلٌ عظيمٌ، وقد حثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على مُداوَمةِ الذِّكرِ في كلِّ الأحيانِ، وكان قِيامُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في اللَّيلِ لا يَخْلو مِن هذا الذِّكرِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ رَبيعةُ بنُ كَعْبٍ الأسلَميُّ: "أنَّه كان يَبيتُ عندَ بابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، وفي روايةِ التِّرمذيِّ قال: "فأُعْطيه وَضوءَه"، وهو ماءُ الوُضوءِ إذا قامَ للصَّلاةِ في اللَّيلِ، فكأنَّه كان يَخدُمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وكان يَسمَعُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ مِن اللَّيلِ: سُبحانَ اللهِ ربِّ العالَمينَ الْهَوِيَّ"، وفي روايةِ التِّرمذيِّ: "فأسمَعُه الهَوِيَّ مِن اللَّيلِ يقولُ: سَمِع اللهُ لِمَن حَمِدَه"، أي: يقولُ هذا الذِّكْرَ في وقتٍ طويلٍ لا يَفتُرُ عنه، "ثمَّ يقولُ: سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُكثِرُ مِن الذِّكْرِ في أوقاتٍ طويلةٍ وكثيرةٍ بأذكارٍ مختلِفةٍ، مِثلِ التَّسبيحِ والتَّحميدِ، وتَعظيمِه وتَمْجيدِه وحُسْنِ الثَّناءِ عليه، وتنزيهِه عن النَّقائصِ والعُيوبِ
وفي الحديثِ: بيانُ اجتِهادِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في عِبادةِ ربِّه وقِيامِه له باللَّيلِ
وَفيه: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ على خِدمَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والقُربِ منه؛ إجلالاً لقَدْرِه، وطلبًا للتعلُّم مِن هدْيِه