كتاب قسم الفيء 14

سنن النسائي

كتاب قسم الفيء 14

أخبرنا عمرو بن يحيى قال: حدثنا محبوب قال: أنبأنا أبو إسحاق، عن سعيد الجريري، عن يزيد بن الشخير قال: بينا أنا مع مطرف بالمربد إذ دخل رجل، معه قطعة أدم قال: كتب لي هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل أحد منكم يقرأ؟ قال: قلت: أنا أقرأ، فإذا فيها: «من محمد النبي صلى الله عليه وسلم لبني زهير بن أقيش، أنهم إن شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وفارقوا المشركين، وأقروا بالخمس في غنائمهم، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه، فإنهم آمنون بأمان الله ورسوله»



أحَلَّ اللهُ سُبحانَه غَنائمَ الحُروبِ لأُمَّةِ الإسلامِ دون غيرِها مِن الأُمم، وشرَع تقسيمَها وبيَّنه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هو المتولِّيَ لهذا الأمرِ، فكان يَقْسِمُها ويأخُذُ نصيبَه منها، ويُنفِقُ منه على أهلِه وعلى مَصالِحِ المسلِمين
وفي هذا الحَديثِ يقولُ موسى بنُ أبي عائشةَ: "سألتُ يحيى بنَ الجزَّارِ"، وكان مِن التَّابِعين، "عن هذه الآيةِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41]، قلتُ: كم كان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الخُمُسِ؟"، وهو الخُمُسُ الَّذي يُخرَجُ قبل أن تُوزَّعَ الغنيمةُ على المحارِبين، فقال يحيى: "خُمسُ الخُمسِ"، أي: إنَّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خُمسَ هذا الخمسِ؛ وذلك أنَّ هذا الخُمُسَ يُوزَّعُ على خَمْسةٍ، وهم كما جاؤوا في قولِه تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41]، وخُمُسِ اللهِ هو خُمُسُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ومعنى ذلك: أنَّ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هو الَّذي يَتولَّى التَّصرُّفَ فيه، فيُنفِقُ منه على نفْسِه وأهلِه، وعلى فُقراءِ المسلِمين، وفيما يَراه مِن المصالحِ