باب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم26
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا زيد بن حباب قال: حدثنا علي بن مسعدة الباهلي قال: حدثنا قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة»
لا عِصمَةَ لأحَدٍ إلَّا الأنبياءُ؛ ولذلك كان على الإنسانِ إذا وَقَعَ في خَطَأٍ أو مَعصيةٍ أنْ يُبادِرَ بالعَودَةِ والتَّوبةِ إلى الله عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كلُّ ابنِ آدَمَ خَطَّاءٌ"، أي: كلُّ إنسانٍ على وَجْهِ الأرضِ يُذنِبُ ويُكثِرُ من الخَطَأِ، فقَولُه: خَطَّاءٌ صِيغةُ مُبالَغَةٍ، وأمَّا الأنبياءُ؛ فإنَّهم مَخصوصون عن ذلك، وما صَدَرَ عنهم فهو مِن بابِ تَركِ الأَوْلى، أو يُقالُ: الزَّلَّاتُ المَنقولَةُ عن بعضِهم مَحمولةٌ على الخَطَأِ والنِّسيانِ من غَيرِ أنْ يكونَ لهم قَصدٌ إلى العِصيانِ، "وخَيرُ الخَطَّائينَ"، أي: وأفضَلُ بَني آدَمَ الَّذين يُخطِئون ويَعصُون هم، "التَّوَّابون"، أي: الذين إذا أذنَبوا رَجَعوا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ وتابوا، واستَغفَروا في كلِّ وَقتٍ وحينٍ؛ فمِن سَعةِ رَحمةِ اللهِ تَعالى بعِبادِه، وعَفْوِه عنهم أنْ شَرَعَ لهم التَّوبةَ؛ لِيَغفِرَ لهم الذُّنوبَ، ويَمحُوَ عنهُم السَّيِّئاتِ، وجعَلَ بابَ التوبةِ مَفتوحًا في كلِّ وقتٍ إلى أن تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِها، أو أنْ تَبلُغَ الرُّوحُ الغَرغَرَةَ.
وفي الحديثِ: الحَثُّ على الإكثارِ من التَّوبَةِ مهما بَلَغتِ الذُّنوبُ.