باب صلاة الضحى
حدثنا ابن نفيل وأحمد بن يونس قالا حدثنا زهير حدثنا سماك قال قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال نعم كثيرا فكان لا يقوم من مصلاه الذى صلى فيه الغداة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام -صلى الله عليه وسلم-.
كان للنبي صلى الله عليه وسلم هدي جميل في كل أحواله، وكان الصحابة رضي الله عنهم يراقبون هديه ويتعلمون منه، ونقلوا ذلك لمن بعدهم
وفي هذا الحديث يخبر التابعي سماك بن حرب أنه سأل جابر بن سمرة رضي الله عنه: هل كان يجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب جابر رضي الله عنه: «نعم، كثيرا»، ثم فصل له بعض ما كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليه، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يقوم من مكانه في المسجد الذي كان يصلي فيه الصبح، فكان صلى الله عليه وسلم يظل في مجلسه بعد الانتهاء من صلاة الجماعة، يذكر الله ويدعو، فيستفتح يومه بذكر الله سبحانه، ويظل كذلك حتى تشرق الشمس، ثم يقوم صلى الله عليه وسلم ويذهب حيث أراد
ثم حكى جابر رضي الله عنه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتحدثون -فيما بين الوقتين أو مطلقا- أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فيتكلمون في أمر الجاهلية، وهي فترة ما قبل الإسلام؛ سموا بها لكثرة جهالاتهم، وكانوا يتحدثون في أمرها على سبيل المذمة، أو بطريق الحكاية لما فيها من فائدة وغيره، وفي رواية النسائي: «يذكرون حديث الجاهلية» فيذكرون الأعمال التي كانوا يعملونها في أيام كونهم غير مسلمين؛ استقباحا لها، وشكرا لما هداهم الله سبحانه وتعالى إليه من الدين الحنيف، وأبدلهم بالسيئة الحسنة، حتى يثير ذلك الحديث ابتسام النبي صلى الله عليه وسلم وضحكهم
وفي الحديث: أن من هديه صلى الله عليه وسلم الجلوس بعد صلاة الصبح، وملازمته مجلسها
وفيه: بيان جميل شمائله عليه الصلاة والسلام، وحسن عشرته لأصحابه رضي الله عنهم
وفيه: الحديث بأخبار الجاهلية وغيرها من الأمم
وفيه: دليل على التحدث بالكلام المباح في المسجد وبأمور الدنيا وغيرها، وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحا