باب صيد الحيتان والجراد
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو مصعب، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحلت لنا ميتتان: الحوت والجراد" (2)
جاء الشَّرعُ الحكيمُ بالتَّيسيرِ على النَّاسِ والتَّوسعةِ عليهم، وخاصَّةً في الطَّعامِ والشَّرابِ؛ فأحَلَّ الله سُبحانَه لهم الطَّيباتِ، وحرَّم عليهم الخبائثَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضي اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "أُحِلَّتْ لكم مَيتتان ودَمان"، يعني: جُعِلَتْ هاتان حلالًا لأمَّةِ الإسلامِ، وأنَّ أكلَها ليس بمُحرَّمٍ، وقولُه: "أُحلَّت" يُفهَمُ منه أنَّه سبَق التَّحريمُ لذلك في قولِه عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [البقرة: 173]، ويُفهَمُ منه أنَّ الَّذي أحلَّ ذلك هو اللهُ سبحانه، "فأمَّا الميتَتانِ: فالحوتُ"، ويشمَلُ كلَّ ما يَعيشُ في الماءِ العَذْبِ أو المالِحِ، "والجرَادُ"؛ وهو الطَّائرُ المعروفُ؛ فالحوتُ والجرادُ إذا وُجِد حيًّا أو ميِّتًا فإنَّه يُؤكَلُ ولا بأسَ بذلك، وليس له ذَكاةٌ، سواءٌ مات بنَفسِه أو أماتَه الإنسانُ، "وأمَّا الدَّمانِ: فالكَبِدُ والطِّحالُ"؛ وهما العُضْوان المسؤولانِ عن تَصْنيعِ الدَّمِ وتَنظيفِه في الجِسمِ الحيوانيِّ، ويَغلِبُ عليهما الدَّمُ، ومعنى الحديثِ: أنَّ الميتةَ مُحرَّمةٌ، والدَّمَ محرَّمٌ بنصِّ القرآنِ، ولكنَّ اللهَ سبحانه أحلَّ لهذه الأمَّةِ الإسلاميَّةِ نوعَينِ مِن الميتةِ، ونوعَين مِن الدَّمِ، وهذا مِن رَحمتِه سُبحانَه بهذه الأُمَّةِ، وتَيسيرِه عليها.