باب فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه
بطاقات دعوية
حديث أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا، أيتها الأمة، أبو عبيدة بن الجراح
بعد جهاد طويل، وصبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ ظهر دين الله وعز وقوي، فكانت القبائل ترسل الوفود إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ معلنين إسلامهم، أو خضوعهم التام لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يحكي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه جاء العاقب، قيل: اسمه عبد المسيح، والسيد، واسمه الأيهم، أو شرحبيل، صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما من أكابر نصارى نجران وحكامهم، وكان السيد رئيسهم وصاحب رحالهم ومجتمعهم، والعاقب صاحب مشورتهم، وكان معهم أيضا أبو الحارث بن علقمة، وكان أسقفهم، وحبرهم، وصاحب مدراسهم، وكان مقدمهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة في وفد من أهل نجران، ونجران مدينة بين مكة واليمن. وقد جاءا يريدان ملاعنة النبي صلى الله عليه وسلم، والملاعنة هي المباهلة، وهي أن يدعو كل واحد من المتلاعنين على نفسه بالعذاب على الكاذب والمبطل، فخاف أحدهما وقال لصاحبه: لا تفعل؛ فوالله لئن كان نبيا، فلاعننا لا نفلح نحن ولا ذريتنا من بعدنا، فامتنعا عن الملاعنة، وتصالحا مع النبي صلى الله عليه وسلم على مال يدفعونه له، فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا، وهذا تشديد وتأكيد على أمانته، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى طلبهم، وقال لهم: «لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين»، وهذا تأكيد على أمانة من سيبعثه النبي صلى الله عليه وسلم، فرغبوا الناس في أن ينالوا ذلك؛ لما فيه من تزكية النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه للرجل المختار بالأمانة، وليس حرصا على الولاية والمسؤولية، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وقال: «هذا أمين هذه الأمة»، وإنما خصه النبي صلى الله عليه وسلم بالأمانة، وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة؛ لغلبتها فيه بالنسبة إليهم، وقيل: لكونها غالبة بالنسبة إلى سائر صفاته
وفي الحديث: فضيلة ظاهرة لأبي عبيدة رضي الله عنه
وفيه: تطلع الصحابة للخير وحرصهم عليه
وفيه: مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة