باب فضل التسبيح5
سنن ابن ماجه
حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء، حدثنا عبد الرحمن المحاربي، عن مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر" (1)
ذِكرُ اللهِ سُبحانَه وتعالَى ممَّا يُؤنِسُ الرُّوحَ والقَلبَ، ويَرزُقُ النَّفْسَ الطُّمأْنينةَ، ويُثقِّلُ مَوازينَ العَبدِ بالحَسَناتِ، ويُنَجِّي اللهُ تعالَى به صاحِبَه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ، فيَكشِفُ ضُرَّه ويُذهِبُ غَمَّه.
وفي هذا الحَديثِ دَلَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسلِمَ على ما تُوضَعُ به خَطايا العَبدِ وذُنوبُه وتُمْحَى، ولو كانتْ كَثيرةً كَزَبَدِ البَحْرِ، وهو: ما يَعْلو البَحْرَ مِن الرغْوةِ والفَقاقيعِ عندَ تموُّجِه وهَيَجانِه، ويُعبَّرُ به عن كَثْرةِ الذُّنوبِ وعَدَمِ حَصرِها، ومعَ كَثْرتِها الهائلةِ يَغفِرُها اللهُ لِمَن أتى بهذا الذِّكرِ، وتلك مُبالَغةٌ في بَيانِ سَعةِ مَغفرةِ اللهِ تعالَى وعَظيمِ رَحْمتِه؛ وذلك بأنْ يقولَ في اليومِ مِائةَ مرَّةٍ: «سُبحانَ اللهِ وبِحَمْدِه»، أي: أَحْمَدُ اللهَ على ما يَسَّرَ مِن التَّسبيحِ والطَّاعاتِ. والتَّسبيحُ: تَنْزِيهُ اللهِ تعالَى عن كلِّ نَقْصٍ وعَيْبٍ.
والذُّنُوبُ التي تُحَطُّ بالتَّسبيحِ هي الصَّغائرُ -وقيل: يُحتَملُ الكبائِرُ- التي تَتَعَلَّقُ بِحُقوقِ اللهِ تعالَى لا بِحُقوقِ العِبادِ؛ لأنَّ حُقوقَهم لا تَنحَطُّ إلَّا باسترضائِهِم.