باب فضل الزهدفي الدنيا 3
بطاقات دعوية
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: (( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء )) رواه مسلم.
جعل الله الدنيا دار اختبار وابتلاء، والعاقل من تزود منها لآخرته، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بحسن العمل فيها، والمداومة على تقوى الله بها، والحذر من زخرفتها وفتنتها
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة» فهي حلوة في المذاق خضرة في المرأى، والشيء إذا كان خضرا حلوا فإن العين تطلبه أولا، ثم تطلبه النفس ثانيا، وهذا إشارة لحسنها، وهو ما يجعل النفوس تتوق إليها وتطلبها، فيغتر الإنسان بها وينهمك فيها، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى مستخلفنا في هذه الحياة الدنيا، فينظر كيف نعمل، ومعنى الاستخلاف هو أن الله عز وجل جعلنا خلفاء القرون التي خلت قبلنا، أو يخلف بعضنا بعضا؛ لينظر كيف عملنا وبما أوجبه علينا، فنقوم بطاعته، أم نعصيه؟ ولهذا قال: «فاتقوا الدنيا»، أي: احذروا أن يخدعكم متاع الدنيا وزيتنها، فتحملكم على ترك ما أمركم الله به، والوقوع فيما نهاكم عنه، كما قال تعالى: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} [لقمان: 33]
ثم أمرنا صلى الله عليه وسلم بالحذر من النساء، فقال: «واتقوا النساء»، أي: احذروا النساء، ووجه الحذر منهن: أن المرأة إذا كانت زوجة فإنها قد تكلف الرجل من النفقة ما لا يطيق أحيانا، فتشغله عن طلب أمور الدين، وتحمله على التهالك على طلب الدنيا، وتكون فتنتهن أحيانا بإغراء الرجال وإمالتهم عن الحق إذا خرجن واختلطن بهم، خصوصا إذا كن سافرات متبرجات، وهذا قد يؤدي إلى الوقوع في الزنا بدرجاته؛ فينبغي للمؤمن الاعتصام بالله، والرغبة إليه في النجاة من فتنتهن، والسلامة من شرهن، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، فافتتنوا في النساء، فضلوا وأضلوا، وإنما ذكر صلى الله عليه وسلم بما وقع فيه الأمم قبلنا للعبرة والعظة بما وقع لهم من العذاب والعقاب من الله عز وجل، وذكر صلى الله عليه وسلم فتنة النساء بعد فتنة الدنيا هو من باب ذكر الخاص بعد العام؛ لزيادة التحذير؛ إيذانا بأن الفتنة بهن من أعظم الفتن الدنيوية
وفي الحديث: الحث على ملازمة التقوى، وعدم الانشغال بظواهر الدنيا وزينتها