باب فى الانتعال
حدثنا أبو الوليد الطيالسى حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش فى نعل واحدة حتى يصلح شسعه ولا يمش فى خف واحد ولا يأكل بشماله ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ويرشدهم إلى ما فيه الخير، ويعلمهم أمور دينهم، وما ينفعهم في أمور دنياهم ومعاشهم
وفي هذا الحديث يروي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل المسلم بشماله؛ لما فيه من التشبه بالشيطان، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في شؤونه كلها، فاليمين جهة مباركة في مسماها؛ فأهل اليمين هم أهل الجنة، كما جعلت الشمال للأمور المستقذرة والتي فيها أذى، وهذا الأدب فيه تشريف اليمين على الشمال.
ونهى صلى الله عليه وسلم أن يمشي في نعل -وهو كل ما يلبس ويقي القدم في المشي- واحدة، فإما أن يلبس النعلين في القدمين جميعا، وإما أن يخلعهما جميعا كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أما أن يلبس واحدة ويدع الأخرى، فهذا قد نهى عنه؛ لأن تلك هي مشية الشيطان، ولأن ذلك مظنة التعثر والسقوط، أو لعله يكون في ذلك نوع من المباهاة والظهور. وقيل: نهى عنه؛ لأنه لم يعدل بين جوارحه، وهو من باب المثلة، فعلى الإنسان إما أن يمشي حافي القدمين جميعا أو ينتعل فيهما جميعا، وقد ورد عند الترمذي من فعل عائشة رضي الله عنها «أنها مشت بنعل واحدة» أي: كانت منتعلة في رجل واحدة والأخرى حافية، وقد ورد النهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن أن ينتعل المرء في قدم واحدة، فلعلها فعلت ذلك لتبيين الجواز؛ أو لأن النهي لم يكن للتحريم، أو أن هذا كان في حالة ضرورة حدثت لها في أحد المواقف وهي غير قاصدة لفعل ذلك؛ بسبب أمر شرعي أو نحوه
ونهى عن اللبسة الصماء، وهو أن يلف الإنسان جميع جسده بالثوب، ولا يرفع شيئا من جوانبه، فلا يمكنه إخراج يده إلا من أسفله؛ وسمي بذلك؛ لسده المنافذ كلها كالصخرة الصماء، وفيه تشبه باليهود الذين كانوا يفعلون ذلك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم
ونهى أن يحتبي في ثوب واحد؛ وهو أن يقعد الإنسان على أليتيه وينصب ساقيه، فيضم رجليه إلى بطنه بثوب، ويجمعهما مع ظهره، ويشد الثوب عليه بهذه الهيئة، أو يشد على ساقيه بيده؛ وإنما نهى عنه لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد، فربما تحرك أو زال، فتنكشف عورته كما بينه في قوله: «كاشفا عن فرجه». قيل: إن الاحتباء المنهي عنه في الجلوس هو احتباء الرجل الذي لا يملك إلا ثوبا واحدا بثوبه، أما الذي يحتبي وهو ساتر لعورته بالثياب فلا بأس في ذلك
وفي الحديث: جملة من الآداب العامة التي يجب على المسلم التحلي بها