باب فى الرفق

باب فى الرفق

حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبى شيبة ومحمد بن الصباح البزاز قالوا حدثنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه قال سألت عائشة عن البداوة فقالت كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبدو إلى هذه التلاع وإنه أراد البداوة مرة فأرسل إلى ناقة محرمة من إبل الصدقة فقال لى « يا عائشة ارفقى فإن الرفق لم يكن فى شىء قط إلا زانه ولا نزع من شىء قط إلا شانه ». قال ابن الصباح فى حديثه محرمة يعنى لم تركب.

الرفق في الأمور، والرفق بالناس، واللين، والتيسير، من جواهر عقود الأخلاق الإسلامية، وهي من صفات الكمال، والله سبحانه وتعالى رفيق، يحب من عباده الرفق
وقد جاء في هذا الحديث سبب وقصة، وهو ما روته عائشة رضي الله عنها أنها كانت راكبة على جمل «فيه صعوبة» يعني أنه غير مذلل ومطيع لصاحبه الراكب عليه، «فجعلت تردده» أي: تمنعه وتدفعه بشدة وعنف وتحاول معه للركوب، فبين لها النبي صلى الله عليه وسلم أن الرفق لا يكون في شيء -أي: لا يقصد استعماله في أي أمر- إلا «زانه»، أي: إلا أكمله وزينه، وأصبح ممدوحا محمودا، «ولا ينزع من شيء»، أي: ولا يبتعد عن أمر، إلا «شانه»، أي: عابه وجعله قبيحا. والرفق هو لين الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف. والحديث بيان لشمولية استعمال الرفق في الإنسان والحيوان
وقد ورد في الصحيحين سبب آخر لهذا الحديث؛ فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عائشة على ذلك لما ردت به على اليهود حين استأذنوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: «السام عليك» بدلا من «السلام عليك»، والسام هو الموت، فقالت عائشة رضي الله عنها: بل عليكم السام واللعنة. فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق وعدم الغضب والقسوة، فكأنه صلى الله عليه وسلم قال لها هذا القول في حادثتين منفصلتين
وفي الحديث: فضل الرفق والحث على التخلق به، وذم العنف، وأن الرفق سبب كل خير