باب فى النهى عن الغش
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر برجل يبيع طعاما فسأله « كيف تبيع ». فأخبره فأوحى إليه أن أدخل يدك فيه فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « ليس منا من غش ».
الأمانة من محاسن الأخلاق، والتعامل في التجارة والأمور المادية يستلزم الأمانة؛ حتى تتم الأمور والتعاملات بين الناس بلا منازعات، وبلا إثارة شرور في المجتمع، وعلى العكس من ذلك؛ فإن الغش والخداع يجلب على المجتمع الويلات والبغضاء والتشاحن بين الناس
وهذا الحديث يوضح أن الغش ليس من الإسلام، وأن الغشاش على خطر عظيم، فيروي أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام، والصبرة: هي الكومة من الطعام، مثل القمح أو الشعير، يعرضها التاجر ليبيعها، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم يده في جوفها، فوجد بللا في أسفل الطعام، وفي رواية أبي داود: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما، فسأله: كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحي إليه: أن أدخل يدك فيه، فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول»، فكان إدخال يده صلى الله عليه وسلم بوحي من الله سبحانه، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فأخبره التاجر أنه قد سقط عليه المطر فبلله، وهذا يعني أنه جعل الجاف الصحيح ظاهرا، والمبلول الرديء في الأسفل، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره، ونبهه إلى ما ينبغي أن يعمله في هذه الحالة، فقال: «أفلا جعلته فوق الطعام» بأن تخرج الحب المبتل من أسفل إلى أعلى؛ حتى يراه الناس المشترون، ويكونوا على بينة ويعلموا بحاله وما فيه من العطب، وقد كانوا يتبايعون بالصبرة كاملة دون النظر إلى ما فيها، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عمل هذا التاجر غشا، فقال: «من غش فليس مني»، أي: من خدع الناس بأي صورة فليس على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وطريقته، وهذا زجر شديد من النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه تهديد لمن تمادى في الغش بأن يخرج عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم
وفي الحديث: الزجر والنهي عن الغش في كل الأمور، وفي المعاملات خاصة
وفيه: ضرورة تبيين عيب السلعة للمشتري
وفيه: أن الحاكم يستظهر أحوال الناس وينصح من يحتاج للنصيحة
وفيه: حرص الشريعة على إبعاد كل ما يحصل به الضرر للمسلم