باب فيمن أعتق عبيدا له لم يبلغهم الثلث
حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد بن عبد الله - هو الطحان - عن خالد عن أبى قلابة عن أبى زيد أن رجلا من الأنصار بمعناه وقال - يعنى النبى -صلى الله عليه وسلم- - « لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن فى مقابر المسلمين ».
رتب الإسلام أولويات الناس في النفقة والصدقة، وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الوصية بعد الموت، ويبقى للورثة ما ينتفعون به؛ حتى لا يظلم أحد، ولا تضطرب الحقوق والواجبات عند الناس
وفي هذا الحديث يروي عمران بن الحصين رضي الله عنه «أن رجلا أعتق ستة مملوكين» أي: كانوا عبيدا في ملكه مدة حياته، ثم إنه أعتقهم وأن يكونوا أحرارا بعد موته، وفي رواية أخرى عند مسلم: «أن رجلا من الأنصار أوصى عند موته، فأعتق ستة مملوكين» ولم يكن له مال غيرهم، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الماليك الستة، فقسمهم إلى ثلاثة أجزاء، ثم أقرع بين الأثلاث أو بين المملوكين الستة، فأعتق اثنين، وأبقى حكم الرق على الأربعة، ولكيفية القرعة صور؛ كأن تكون بالخواتيم؛ بحيث يؤخذ خاتم هذا وخاتم هذا، ويدفعان إلى رجل فيخرج منهما واحدا. أو يجعل الحكم رقاعا صغارا يكتب في كل واحدة اسم ذي السهم، ثم يجعل في وعاء، ويغطى عليها، ثم يدخل رجل يده فيخرج واحدة وينظر من صاحبها فيدفعها إليه
وقال صلى الله عليه وسلم في شأنه قولا شديدا، أي: أغلظ له القول والذم والوعيد؛ لأنه أخرج كل ماله عن الورثة، ومنعهم حقوقهم منه، وفي رواية النسائي: «فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب من ذلك، وقال: لقد هممت ألا أصلي عليه»، وفي رواية أبي داود: «لو شهدته قبل أن يدفن، لم يدفن في مقابر المسلمين»، وهذا من التغليظ في شأن الوصية الجائرة
وفي الحديث: رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لرعيته، ومتابعته لتصرفاتهم، وإصلاح أخطائهم
وفيه: ثبوت القرعة في العتق ونحوه
وفيه: بيان أن العتق في مرض الموت يعتبر في الثلث فقط