باب: في البناء والخراب2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه سعيد
عن ابن عمر، قال: لقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنيت بيتا، يكنني من المطر ويكنني من الشمس، ما أعانني عليه خلق لله تعالى (1)
كان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم يعيشون كما كان يعيشُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكانوا زاهدين في متاعِ الدُّنيا ولا يتكالبون عليها، وإنما يأخُذون ما جاءهم مِن رِزقِ اللهِ سَهلًا حلالًا، ورَضُوا بالقليلِ والعَيشِ في شِدَّةٍ إلى أن فتح اللهُ عليهم واغتنى كثيرٌ منهم، ومع ذلك لم تسكُنِ الدُّنيا قُلوبَهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّه بنى لنَفْسِه بيتًا في زمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَقِيه ويَستُره مِن المَطَرِ، ويُظِلُّه مِن الشَّمسِ وحَرِّها، وما أَعانَه عليه أحدٌ مِن خَلْقِ الله؛ مِمَّا يدُلُّ على صِغَرِ البيتِ وقِلَّةِ مَؤُونَتِه، وهذا لزُهدِهم وبُعدِهم عن التَّرَفِ في البِناءِ؛ فكانوا يَبنُونَ ما يَستُرُهم ويَقِيهم الأضرارَ فقطْ، رِضوانُ اللهِ تعالَى عليهم.
ولا يُعارِضُه ما جاء عند البُخاريِّ في روايةٍ أُخرى عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: «واللهِ ما وضَعْتُ لَبِنةً على لَبِنةٍ، ولا غرَسْتُ نخلةً، منذُ قُبِضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم»؛ فقد قَيَّد تَرْكَ البناءِ بوفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإنما كان بناؤه المتقَدِّمَ في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ البناءِ، ويُفَضَّلُ الاقتصارُ منه على ما يكفي للإنسانِ حاجَتَه.