باب في دخول الكعبة والصلاة فيها والدعاء 1
بطاقات دعوية
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح فنزل بفناء الكعبة وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتح ففتح الباب قال ثم دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلال وأسامة بن زيد وعثمان ابن طلحة وأمر بالباب فأغلق فلبثوا فيه مليا ثم فتح الباب فقال عبد الله فبادرت الناس فتلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجا وبلال على إثره فقلت لبلال هل صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال نعم قلت أين قال بين العمودين تلقاء وجهه قال ونسيت أن أسأله كم صلى. (م 4/ 95
كان أصْحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصونَ أشدَّ الحِرصِ على اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَفِيها نفْعُهم في الدُّنْيا والآخِرةِ، وكان مِن أحرَصِهم على ذلك عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاء يومَ فَتحِ مكَّةَ في السَّنةِ الثَّامِنةِ مِن الهِجْرةِ، وكان يَركَبُ خَلْفَه أُسامةُ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه على ناقَتِه الَّتي تُسمَّى القَصْواءَ، وكان معَه بِلالُ بنُ رَباحٍ وعُثْمانُ بنُ طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنهما، فأناخَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ راحِلَتَه عندَ البَيتِ الحَرامِ، وبعَثَ عُثْمانَ بنَ طَلْحةَ يَجلِبُ له مِفْتاحَ البَيتِ الحَرامِ، فأتاهُ به، فدخَلَ هو وأُسامةُ بنُ زَيدٍ، وبِلالُ بنُ رَباحٍ، وعُثْمانُ بنُ طَلْحةَ رَضيَ اللهُ عنهم، وأغْلَقوا البابَ عليهم، فمَكَثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَن معَه داخِلَ الكَعْبةِ وَقْتًا طَويلًا، ثمَّ خرَجَ، فأسرَعَ النَّاسُ في الدُّخولِ إلى الكَعْبةِ، وكان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أسْبَقَ النَّاسِ إلى الدُّخولِ، فلمَّا دخَلَ وجَدَ بِلالَ بنَ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه واقفًا وراءَ البابِ، فسَأَلَه: أين صلَّى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقال له: صلَّى بيْنَ ذَيْنِكَ العَمودَيْنِ المُقدَّمَينِ، وكان البَيتُ الحَرامُ على سِتَّةِ أعْمِدةٍ سَطرَينِ، أي: صَفَّينِ، وذلك قبْلَ أنْ يُهدَمَ، ويُبْنى في زمَنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنهما، فصلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ العَمودَينِ في الصَّفِّ الأوَّلِ، وجعَلَ البابَ خَلْفَ ظَهرِه، واستقبَلَ بوَجْهِه ما يَستَقبِلُه مَن يَدخُلُ البَيتَ مِن الجِدارِ، وكان عندَ المَكانِ الَّذي صلَّى فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرْمَرةٌ حَمْراءُ، وهي منَ الأحْجارِ النَّفيسةِ. قال ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: ونَسيتُ أنْ أسْأَلَه: كمْ صلَّى؟
وفي الحَديثِ: مَشْروعيَّةُ دُخولِ الكَعْبةِ والصَّلاةِ فيها.
وفيه: السُّؤالُ مِن أجْلِ العِلمِ، والحِرصُ عليه.
وفيه: تَواضُعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحُسنُ عِشرَتِه لأصْحابِه، وحَملُه النَّاسَ على دابَّتِه.