باب قول الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم 3
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطى كفارته التي افترض الله عليه". (وفي طريق بلفظ:
"من استلج في أهله بيمين، فهو أعظم إثما، ليبر (1). يعني الكفارة").
حَضَّ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه على كفَّارةِ اليَمينِ إذا كانَ فِعلُها خيْرًا مِنَ التَّمادِي فيما حلَف عليه الإنسانُ.
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الاسْتِلجاجَ في اليَمينِ أشدُّ إثمًا مِنَ الحِنْثِ فيه وإخراجِ الكفَّارةِ، ومعْنى قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنِ استَلَجَّ في أَهلِه بيمينٍ» أنْ يَحلِفَ الرَّجلُ على امرأتِه ألَّا يَعطيَها خيْرًا، أو لا يُجامعَها، أو لا يَأذَنَ لها في زيارةِ أهلِها، ونحْو ذلك، ويَتمادَى في هذا القَسَمِ والوفاءِ به، فأخْبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ تَماديَه في هذه اليَمينِ وبِرَّه فيها أعظمُ إثمًا له عندَ اللهِ؛ ولذلك أمرَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّكفيرِ عنْ هذه اليَمينِ، فقال: «لِيَبَرَّ» أي: لِيَترُكِ التَّماديَ في اليمينِ ويَفعَلَ المحلوفَ عليه، ويُكفِّرَ عَنِ اليمينِ الَّذي حَلَفَه؛ إذِ الإضرارُ بِالأهلِ أعظمُ إثمًا مِنَ الحِنْثِ في اليمينِ، والمعنى: دَعِ التمادِيَ في ذلك، واحنَثْ في هذا اليَمينِ، واترُكْ إضرارَهم، ويحصُلُ لك البِرُّ؛ فإنَّك إن أصرَرْتَ على الإضرارِ بهم، كان ذلك أعظَمَ إثمًا من حِنْثِك في اليَمينِ. وذِكْرُ الأهلِ في الحَديثِ خرج مخرَجَ الغالِبِ، وإلَّا فالحُكمُ يتناوَلُ غيرَ الأهلِ إذا وُجِدَت العِلَّةُ.
وفي الحَديثِ: التحذيرُ مِنَ الحَلِفِ على كُلِّ ما يَضُرُّ بالمحلوفِ عليه.