باب قول الله تعالى {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}
بطاقات دعوية
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت، ولا والله ما نسخت (وفي طريق أخرى: هي محكمة وليست بمنسوخة 5/ 177)، ولكنها مما تهاون الناس، هما واليان، وال يرث، وذاك الذي يرزق، ووال لا يرث، فذاك الذي يقول بالمعروف، يقول: لا أملك لك أن اعطيك
مِن حِكَمِ اللهِ تعالَى وُقوعُ النَّسخِ في القُرآنِ، وهو تَغييرُ الحُكمِ المتقدِّمِ بحُكمٍ مُتأخِّرٍ، وقدْ تَختلِفُ أنظارُ العلماءِ في وُقوعِ النَّسخِ في بَعضِ الآياتِ بحَسبِ العِلمِ بتاريخِ الأخبارِ وبحَسبِ فَهْمِ كلِّ عالِمٍ كذلك.
وفي هذا الأثَرِ يَحكي تَرْجُمانُ القرآنِ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاس رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ بَعضَ الناسِ زَعَم أنَّ قولَه تعالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النِّساء: 8]؛ مَنسوخٌ بآياتِ المَواريثِ، فليس لأحَدٍ حقٌّ في مالِ المتوَفَّى سِوى مَن ذُكِرَ في آياتِ المَواريثِ، ولكنَّ ابنَ عبَّاسِ رَضيَ اللهُ عنهما يَرى أنَّها لَيستْ مَنسوخةً، بل مُحْكَمةٌ، وأنَّها لا تُخالِفُ آياتِ المواريثِ، وأنَّ النَّاسَ قد تَرَكوا العَملَ بها، وأنَّ معناها: إذا كان الَّذي يَلي تَوزيعَ التَّرِكةِ مِن الورَثةِ فإنَّه يُعطِي مَن حَضَر تَقسيمَها ممَّن ذَكَرتْهُم الآيةُ، وإذا كانَ مَن يَلي تَقسيمَها لَيس مِن الوَرثةِ -كوليِّ اليتيمِ- فإنَّه لا يُعطيهم، فيَعتذِرُ بلُطْفٍ عن عَدَمِ الإعطاءِ لمَن حَضَرَ، كما أمَرَه تعالَى بقولِه: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: 8].