باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى
حدثنا أبو العباس القلورى حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمى عن سليمان بن معاذ التيمى حدثنا ابن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا يسأل بوجه الله إلا الجنة ».
الإسلامُ دِينُ الخُلقِ، وقد بُعِثَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليُتمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ ومَكارِمَها، وقد حَثَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على كُلِّ خُلقٍ طيِّب، كالمُساعدةِ والبَذلِ والعطاءِ وشُكرِ المعروفِ، ومِن ذلك ما جاءَ في هذا الحَديثِ، حيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنِ اسْتَعاذَكم باللهِ فأَعِيذُوه"، أي: مَنْ طَلَب مِنْكم وسأَلَكم باللهِ أنْ تُعِينوه على ما وقَعَ بِه مِنَ الشَّرِّ والأذى، فقدِّموا له كُلَّ العونِ والمساعدةِ، "ومَنْ سألَكم باللهِ فأَعْطُوه"، أي: ومَن طَلَب مِنْكم العطاءَ لوَجْهِ اللهِ وهو مُحتاجٌ فأَعْطُوه؛ تَعظيمًا للهِ الَّذي سألَكُم بِه، بقَدْرِ اسْتِطاعتِكم دونَ مَشقَّةٍ عليكم، وليس في هذا أَمْرٌ لإعطاءِ مَنْ يسأَلُ تَكثُّرًا وطَمَعًا
"ومَنْ دعاكم فأَجِيبوه"، أي: إلى وَلِيمةٍ وطعامٍ وما أَشْبَهَ ذلك فلَبُّوا دَعْوتَه، "ومَنْ أَتى إليكُم"، أي: صَنَعَ لكُمْ، "معروفًا"، أي: خيرًا، "فكافِئوه"، أي: فجازُوه على مَعروفِه بما يُساويه أو بما يَزيدُ، كما قال تَعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86]، "فإنْ لَمْ تَجِدوا"، أي: ما تُكافِئُوه بِه على ما فَعَل مِنْ مَعروفٍ، "فادْعُوا له حتَّى تَعْلَموا أنْ قَدْ كافَأتُموه"، أي: اجْتَهِدوا في الدُّعاءِ له حتَّى يَصِلَ الظَّنُّ في الدُّعاءِ أنَّه قَد وُفِّيَ حَقَّه، وكلُّ هذا مُرْتَبِطٌ بالقُدْرةِ والاسْتِطاعةِ وعدمِ الإعانةِ على الإثْمِ
وفي الحَديث: الأمْر بحِمايةِ مَن استعاذَ باللهِ مِن السُّوءِ، وبإعطاءِ مَن طلَبَ العطاءَ باسمِ اللهِ أو صِفتِه سُبحانَه، وبتلبية دَعوةِ المسلمِ
وفيه: الإرشادُ إلى شُكرِ المعروفِ بالدُّعاءِ عِندَ عَدمِ الاستِطاعةِ على ردِّ المعروفِ بالمالِ