باب كيف صلاة الليل 4
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يسأل عن صلاة الليل؟ فقال: «مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة»
حرَصَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على سُؤالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الصَّلاةِ فُروضِها ونَوافلِها، ومِن ذلك قِيامُ اللَّيلِ بعْدَ أنْ مَدَحَ اللهُ عليه رَسولَه والمؤمنينَ في كِتابِه: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل: 20]
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَخطُبُ على مِنبرِه في المسجِدِ النَّبويِّ، ولعلَّ الخُطبةَ كانتْ للجُمُعةِ أو لغَيرِها مِن الأُمورِ، فسَأَله: كيف تكونُ صَلاةُ اللَّيلِ وهَيئتُها وطَريقةُ أدائِها؟ فأخْبَره أنَّها مَثنَى مَثنَى، أي: تُصَلِّي رَكعتينِ ثم تُسلِّمُ، ثم تُصَلِّي رَكعتينِ أُخرييْنِ، وهكذا، حتَّى إذا خاف المُصلِّي أنْ يَدخُلَ وَقتُ صَلاةِ الصُّبحِ -ومِثلُه الذي يُصلِّي في أوَّلِ اللَّيلِ ويَنامُ حتَّى وَقتِ الصُّبحِ- فعليه أنْ يَختِمَ قِيامَه برَكعةٍ واحدةٍ، هي الوترُ للصَّلواتِ الشَّفعِ الثُّنائيَّةِ التي صَلَّاها، ثُم يُسَلِّمُ بعدَها. ثمَّ أمَرَ ابنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أصحابَه أن يَجْعَلُوا آخِرَ صَلاتِهمْ قبْلَ النَّومِ، أو قبْلَ طُلوعِ الفَجْرِ وِتْرًا؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بذلك.وقد تَعدَّدَتِ صِفةُ وِتْرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكَيفيَّةُ أدائِها وعدَدُ ركَعاتِها، ومِن مَجموعِها يَتَبيَّنُ أنَّه يَجوزُ الوِترُ بثَلاثٍ، وبخَمسٍ، وبسَبعٍ، وبتِسعٍ، وبإحْدى عشْرةَ، فإنْ أوتَرَ بثَلاثٍ فله صِفَتانِ كِلْتاهما مَشروعةٌ
الأُولى: أنْ يَسرُدَ الثَّلاثَ بتَشهُّدٍ واحدٍ
والثَّانيةُ: أنْ يُسلِّمَ مِن رَكعتينِ ثمَّ يُوتِرَ بواحدةٍ، أمَّا إذا أوتَرَ بخَمسٍ أو بسَبعٍ فإنَّها تَكونُ مُتصِلةً، ولا يَتَشهَّدُ إلَّا تَشهُّدًا واحدًا في آخِرِها ويُسلِّمُ، وإذا أوتَرَ بتِسعٍ فإنَّها تكونُ مُتصِلةً، ويَجلِسُ للتَّشهُّدِ في الثَّامنةِ، ثمَّ يَقومُ ولا يُسلِّمُ ويَتَشهَّدُ في التَّاسعةِ ويُسلِّمُ، وإنْ أوتَرَ بإحْدى عشْرةَ فإنَّه يُسلِّمُ مِن كُلِّ رَكعتينِ، ويُوتِرُ منها بواحدةٍ، وأدْنى الكَمالِ في الوِترِ أنْ يُصلِّيَ رَكعتينِ ويُسلِّمَ، ثمَّ يَأتيَ بواحدةٍ ويُسلِّمَ، ويَجوزُ أنْ يَجعَلَها بسَلامٍ واحدٍ، لكنْ بتَشهُّدٍ واحدٍ لا بتَشهُّدَينِ