باب كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ 1
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن هشام قال:
كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء؛ إلا من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له:
"لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"الآن يا عمر! ".
لا يَكتمِلُ إيمانُ العَبدِ المُسلِمِ حتَّى يكونَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحَبَّ إليه مِن وَلدِه ومالِه ونفْسِه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبْدُ اللهِ بنُ هِشامٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّهم كانوا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو ممسِكٌ بِيَدِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه، فقالَ له عُمرُ رَضِي اللهُ عنه: «يا رَسولَ اللهِ، لَأنتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كلِّ شَيْءٍ إلَّا مِن نَفسِي»، فذَكرَ عُمَرُ حُبَّه لِنفْسِه بِحَسَبِ الطَّبْعِ، فأقسَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه باللهِ الذي يملِكُ قَبْضَ رُوحِه ونَفْسِه: أنَّه لا يَكمُلُ إيمانُك حتَّى أكونَ أحبَّ إليك مِن نفْسِك، كما في روايةِ أحمدَ: «لا يؤمِنُ أحَدُكم حتى أكونَ عنده أحَبَّ إليه مِن نَفْسِه».
فلمَّا عَلِمَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه أنَّ نَجاةَ نفْسِه مِنَ الهلاكِ، وتَحقيقَ رُتبةِ الإيمانِ الكاملِ، مُتوقِّفةٌ على تَقْديمِ حُبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على حُبِّ نفْسِه؛ قال: «فإنَّه الآنَ، واللهِ لَأنتَ أحبُّ إليَّ مِن نَفسِي، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له: الآنَ يا عُمرُ»، يعني: الآنَ عرَفْتَ يا عُمرُ، فَنَطقْتَ بما يَجِبُ عليكَ، وبما يَكتمِلُ به إيمانُك. فيَجِبُ تقديمُ محبَّةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على النُّفوسِ، والأولادِ، والأقارِبِ، والأهْلِينَ، والأموالِ، والمساكِنِ، وغيرِ ذلك مما يُحبُّه الإنسانُ غايةَ المحبَّةِ، وإنما تتِمُّ المحبَّةُ بالطَّاعةِ، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} الآية [آل عمران: 31]، ويدخُلُ فيها: نُصرةُ سُنَّتِه، والذَّبُّ عن شريعتِه، وقَمعُ مُخالِفِيها، ويدخُلُ فيها بابُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ مِنَ الأَيمانِ المأثورةِ الَّتي كان يَحلِفُ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قولُه: «والَّذي نَفْسي بِيَدِه».
وفيه: أنَّ حُبَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الإيمانِ.
وفيه: مَنقَبةٌ وفَضلٌ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه.