باب ما جاء إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن وهب بن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الرجل أحق بمجلسه وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه»: «هذا حديث حسن صحيح غريب» وفي الباب عن أبي بكرة، وأبي سعيد، وأبي هريرة
رتَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحقوقَ والواجباتِ على النَّاسِ في الجماعاتِ، وحَرَص على بَيانِها، حِفاظًا على المودَّةِ بيْن المسْلِمين، وتَفاديًا لِبَواعثِ الشِّقاقِ والخلافِ والبغضاءِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إذا قام أحدُكم»، وفي روايةٍ: «مَن قام مِن مَجلِسِه» الَّذي كان يَقعُدُ فيه، فقام منه؛ ليتوضَّأَ أو ليقضِيَ شُغلًا يَسيرًا، «ثُمَّ رجَع إليه» مِن وَقتٍ قَرِيبٍ، «فهو أحقُّ به»، أي: إنْ رَجَعَ إليه ووجَدَ فيه مَن جَلَس مَكانَه، فلهُ أنْ يُقِيمَه لِيَجلِسَ هو.
وعلى هذا فمَجالِسُ العلمِ والذِّكرِ والخُطَبِ في المساجدِ، لها حُقوقٌ على مَن يَتمكَّنُ مِن الانتفاعِ بها، وكلُّ جالسٍ فيها له حُقوقٌ على الدَّاخلِ عليهم، وهو أَولى بالمكانِ الَّذي جلَسَ فيه، ولا يُقِيمُه أحدٌ منه مهْما كان قَدْرُ الدَّاخلِ عليه، ولكنْ لو قامَ باختيارِه ورِضاهُ تَكريمًا لقادمٍ، ليُجلِسَه في مَكانِه؛ كان ذلك تَنازلًا وإيثارًا مَقبولًا منه، مَشكورًا عليه.