باب ما جاء في كراهية الجلوس بين الرجلين بغير إذنهما
سنن الترمذى
حدثنا سويد قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا أسامة بن زيد قال: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما»: «هذا حديث حسن» وقد رواه عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، أيضا.
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مَكارِمَ الأخلاقِ الَّتي تُنشِئُ المودَّةَ، ونهانا عن الأخلاقِ الذَّميمةِ الَّتي تتَسبَّبُ في العَداواتِ والتَّباغُضِ، وقد نَهَى عن التَّفريقِ بينَ النَّاسِ في كلِّ شيءٍ، حتَّى نهَى أن يُفرَّقَ بينَ اثنَين في المجلِسِ، كما في هذا الحديثِ حيث يقولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا يَحِلُّ للرَّجُلِ أن يُفرِّقَ بينَ اثنَينِ"، أي: في أيِّ مجلسٍ، سواءٌ في المسجِدِ أو غيرِه، والتَّفريقُ بينَهما يَكونُ بجُلوسِه بينَهما، ويَدخُلُ في ذلك الاقترابُ مِنهُما بحيثُ لا يُمكِنُهما التَّواصُلُ في حَضْرتِه، ثمَّ استَثْنى حالةً للجَوازِ، "إلَّا بإِذْنِهما"، أي: إنْ وافَقَا كان له ذلك، ولا يَبْقَى المنعُ؛ لأنَّ اتِّصالَهما حقٌّ لهما، فليس له فَصْلُهما إلَّا بالإذنِ مِنهما معًا، ولأنَّه قد يكونُ بينَهما مَحبَّةٌ ومَودَّةٌ وجَريانُ سِرٍّ وأمانةٌ، فيَشُقُّ عليهما التَّفرُّقُ بجُلوسِه بينَهما.
وفي الحَديثِ: حِرْصُ الإسلامِ على الأدَبِ وحُسنِ المعاملةِ، ومُراعاةِ آدابِ المجالسِ.