باب ما جاء فيمن شك في صلاته فتحرى الصواب 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور- قال شعبة: كتب إلي وقرأته عليه- قال: أخبرني إبراهيم، عن علقمة
عن عبد الله، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة لا ندري أزاد أو نقص، فسأل، فحدثناه، فثنى رجله، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين، ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال:"لو حدث في الصلاة شيء لأنبأتكموه، وإنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وأيكم ما شك في الصلاة فليتحر أقرب ذلك من الصواب، فيتم عليه ويسلم ويسجد سجدتين" (1).
مِن رَحمةِ اللهِ بعبادِهِ المؤمِنينَ أنْ شَرَعَ لهم أمورًا تَجْبُرُ عِبادتَهم؛ حتَّى تكونَ كامِلةً وخاليةً مِنَ النَّقْصِ، ومِن ذلك سُجودُ السَّهْوِ للصَّلاةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: "صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال إبراهيمُ" هو النَّخَعيُّ راوي هذا الحديثِ عَنْ شيخِهِ عَلْقمةَ بنِ قَيسٍ: "فلا أدْري زاد أَمْ نَقَصَ" بالشَّكِّ، أي: فلا أدْري قال علقَمةُ بالزِّيادةِ أو بالنُّقصانِ، "فلمَّا سلَّم قيل له"، أي: قال بعضُ الحاضرينَ: "يا رسولَ اللهِ، أَحَدَثَ في الصَّلاةِ شيءٌ؟"، أي: هل جاء الوَحيُ بشيءٍ يُوجِبُ تغييرَ حُكْمِ الصَّلاةِ عمَّا عَهِدْناهُ؟ "قال" رسولُ اللهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وما ذاك؟!"، أي: ما الَّذي حَدَثَ حتَّى تقولوا ذلك؟ "قالوا"، أي: الصَّحابةُ الذين صَلَّوْا معه: "صلَّيتَ كذا وكذا"، أي: خَمْسَ رَكَعاتٍ على غيرِ ما عَهِدْناهُ، "فثَنَى" النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "رِجْلَه"، أي: عَطَفَها، "واسْتَقبَل القِبْلَةَ"؛ لأنَّهُ كان قَدِ انْصرَفَ عنها، "فسَجَد بهم سجدَتَينِ"، أي: سَجَدَ سجدتَينِ للسَّهوِ، ثُمَّ سلَّمَ، ولم يُصلِّ رَكعاتٍ زائدةً، وهذا يَدُلُّ على أنَّ السَّهوَ كان بالزِّيادةِ.
قال: "فلمَّا انْفَتَلَ"، أي: انْصَرفَ مِنَ الصَّلاةِ، "أَقْبَلَ علينا بوجهِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"؛ ليُحدِّثَنا، "فقال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّهُ لو حَدَثَ في الصَّلاةِ شيءٌ"، أي: لو جاء الوحيُ بحُكْمٍ جديدٍ في أحكامِ الصَّلاةِ، "أنْبأتُكُمْ به"، أي: أخْبَرتُكم به؛ لأنَّ تأخيرَ البيانِ عن وَقتِ الحاجةِ لا يَجوزُ، "ولكِنْ إنَّما أنا بشرٌ"، أي: تَعْتريهِ العوارِضُ البشريَّةُ، "أَنْسى كما تَنْسَون؛ فإذا نَسيتُ فذَكِّروني"، أي: أَخْبِروني عنِ الخطأِ فورَ وُقوعِه.
"وقال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا شَكَّ أَحَدُكم في صلاتِه" فلَمْ يَدْرِ كَمْ صلَّى، "فلْيتَحرَّ"، أي: فليَقْصِدْ ولْيَنْظُرِ الصَّوابَ "فليُتمَّ عليه" ما نَقَصَ مِنْ أفعالِ الصَّلاةِ، على ما تَحرَّى مِنَ الصَّوابِ بغَلَبَةِ الظَّنِّ، "ثُمَّ ليُسلِّمْ، ثُمَّ ليَسْجُدْ سَجْدتَينِ"؛ للسَّهوِ الذي وَقَع في الصَّلاةِ.
وفي الحَديثِ: نِسيانُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كغيرِه مِنَ البَشَرِ في غيرِ الوحيِ.
وفيه: بيانُ بَعضِ حالاتِ سُجودِ السَّهوِ.