باب فضل المدينة4
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد أهل المدينة بسوء، أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" (2)
المدينةُ النَّبويَّةُ بُقعةٌ مِن الأرضِ مُبارَكةٌ، طَهَّرَها اللهُ مِن الأدناسِ، واختارَها لتَكونَ مُهاجَرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وحاضنةَ دَعوتِه، وأساسَ دَولتِه.
وفي هَذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالَى يُدافِعُ عن المدينةِ وأهلِها المؤمنِينَ الصَّالحينَ، ومِن ذلك: أنَّ مَن أرادَ أهلَ المَدينةِ بسُوءٍ وعزَمَ على إيذائهِم، أَذابَه اللهُ كَما يَذوبُ المِلحُ في الماءِ، وذَلك في الآخرَةِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ: «لا يُريدُ أحَدٌ أهلَ المدينةِ بِشَرٍّ، إلَّا أذابَه اللهُ في النَّارِ ذَوْبَ الرَّصاصِ»؛ فجَعَلَ العِقابَ في نارِ جَهنَّمَ. ويَحتمِلُ أنَّ المرادَ: أنَّ مَن أَرادَها في حَياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كُفِيَ المُسلمون أَمْرَه، واضْمحَلَّ كيْدُه كَما يَضمحِلُّ المِلحُ في الماءِ، وقدْ يَكونُ ذَلك لِمَن أَرادَها في الدُّنيا عامَّةً، فَلا يُمهِلُه اللهُ، وَلا يُمكِّنُ له سُلطانًا، بل يُذهِبُه عن قُربٍ.