باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع2
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول: أحد بني أم هانئ حدثني فلقيت أنا أفضلهم وكان اسمه جعدة، وكانت أم هانئ جدته، فحدثني عن جدته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشراب فشرب، ثم ناولها فشربت، فقالت: يا رسول الله، أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصائم المتطوع أمين نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر»، قال شعبة: فقلت له، أأنت سمعت هذا من أم هانئ؟ قال: لا، أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ، وروى حماد بن سلمة هذا الحديث، عن سماك بن حرب، فقال: عن هارون ابن بنت أم هانئ، عن أم هانئ، ورواية شعبة أحسن، هكذا حدثنا محمود بن غيلان، عن أبي داود، فقال: «أمين نفسه» وحدثنا غير محمود، عن أبي داود، فقال: «أمير نفسه، أو أمين نفسه» على الشك، وهكذا روي من غير وجه عن شعبة «أمين أو أمير نفسه» على الشك، «وحديث أم هانئ في إسناده مقال»، " والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم: أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه، إلا أن يحب أن يقضيه، وهو قول سفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، والشافعي "
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنْهم يتَبرَّكون برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وبما يَفضُلُ منه.
وفي هذا الحديثِ تَحكي أمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنْها: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم دخَل عليها"، وفي روايةٍ: "لَمَّا كان يومُ الفتحِ فتحُ مكَّةَ، جاءت فاطمةُ، فجَلَسَت عن يَسارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، وأمُّ هانئٍ عن يَمينِه، "فدَعا بشَرابٍ فشَرِب"، قيل: هو الماءُ عندَ إطلاقِ لفظِ الشَّرابِ، "ثمَّ ناوَلَها"، أي: أعطى لأمِّ هانئٍ لِتَشربَ منه، "فشَرِبَت"، أي: شَرِبَت ما أعطاها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم؛ وذلك اغتنامٌ منها لِمَا آثرَها به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مِن فضلِ شَرابِه، فقالت أمُّ هانئٍ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، أمَا إنِّي كنتُ صائمةً"، أي: كنتُ صائمةً لهذا اليومِ، وكان صيامُها صيامَ تطوُّعٍ لا صيامَ فريضةٍ، والمرادُ: ما حُكمُ صِيامي هذا؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "الصَّائمُ المتطوِّعُ"، أي: الذي ليس صِيامه بفَرْضٍ، "أمينُ نفسِه"، أي: أمينٌ على نفسِه يتَصرَّفُ فيها كيفَما شاء، وفي روايةٍ: "أميرُ نفسِه"، أي: له مَشيئةُ الاختيارِ، "إن شاء صام"، أي: أتمَّ صومَه، "وإن شاء أفطَر".
وفي الحديث: حُسنُ عِشرةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لأصحابِه.