باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء ذات البروج، والسماء والطارق، وشبههما»، وفي الباب عن خباب، وأبي سعيد، وأبي قتادة، وزيد بن ثابت، والبراء،: «حديث جابر بن سمرة حديث حسن» وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة» وروي عنه أنه كان «يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية، وفي الركعة الثانية خمس عشرة آية» وروي عن عمر، أنه كتب إلى أبي موسى: «أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل»، " ورأى بعض أهل العلم أن القراءة في صلاة العصر كنحو القراءة في صلاة المغرب: يقرأ بقصار المفصل " وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: «تعدل صلاة العصر بصلاة المغرب في القراءة» وقال إبراهيم: «تضاعف صلاة الظهر على صلاة العصر في القراءة أربع مرار»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتَمَّ النَّاسِ صلاةً، وأخفَّهم إطالةً، وأكثرَهم خُشوعًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كثيرًا ما يُحذِّرُ مِن الإطالةِ لِمَن صلَّى بالنَّاسِ إمامًا؛ مُراعاةً للمَريضِ والكبيرِ وذي الحاجةِ.
وفي هذا الحَديثِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "كان يَقرَأُ في الظُّهرِ والعصرِ"، أي: كان يقرَأُ في صلاةِ الظُّهرِ وفي صلاةِ العصرِ بعدَ الفاتحةِ، بـ{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1]، أي: بسورةِ الطارق، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1]، أي: بسورةِ البروجِ، "ونحوِهما مِن السُّورِ"، أي: وبمِثلِهما مِن قِصارِ السُّورِ، والمقصودُ عدَمُ الإطالةِ في صلاةِ الجماعةِ، وقِراءةُ ذلك القَدْرِ مِن قِصارِ السُّورِ اتِّباعًا لهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأكثرِ أحوالِه، ومع أنَّ الظُّهرَ والعصرَ سِرِّيَّتانِ إلَّا أنَّ الصَّحابةَ عَلِموا قِراءتَه بأكثرَ مِن طَريقةٍ؛ مِنها: أنَّهم كانوا يَرَوْن حرَكةَ لِحْيتِه؛ فيَعْلمون أنَّه يَقرأُ، ثُمَّ يَحزِرون ويَحسُبون مُدَّة القراءةِ وما يُوازيها مِن السُّورِ والآياتِ، ومنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ربَّما كان يُسمِعُ مَن يَقِفُ خَلفَه مُباشرةً قِراءتَه؛ ليُعلِّمَهم.