‌‌باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي1

سنن الترمذي

‌‌باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي1

حدثنا محمد بن المثنى، وإبراهيم بن يعقوب، قالا: حدثنا روح بن عبادة، عن حبيب بن الشهيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير - وزاد ابن المثنى في حديثه - ويسلم الصغير على الكبير» وفي الباب عن عبد الرحمن بن شبل، وفضالة بن عبيد، وجابر: «هذا حديث قد روي من غير وجه عن أبي هريرة» وقال أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وعلي بن زيد: «إن الحسن لم يسمع من أبي هريرة»

علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسْبابَ التَّآلُفِ واستِجْلابِ المَودَّةِ فيمَا بيْننا، كما حذَّرَنا ممَّا يُورِثُ التَّنافُرَ والتَّشاحُنَ، ومِن أسبابِ المَحبَّةِ والتآلُفِ بيْن المسلِمينَ إفشاءُ السَّلامِ بيْنهم، وهي التَّحيةُ التي شَرَعها اللهُ تعالَى لعِبادِه.
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى جَميلِ الآدابِ الإسلامِيَّةِ، الَّتي منها كيفيَّةُ إلقاءِ هذه التحيَّةِ؛ فَيَقولُ: «يُسَلِّمُ الصَّغيرُ عَلى الكَبيرِ» نَدْبًا لِلتَّوقيرِ والتَّعظيمِ، وَيُسَلِّمُ الماشي عَلى القاعِدِ في أيِّ مكانٍ وبِكُلِّ حالٍ، سَواءٌ كانَ صَغيرًا أو كَبيرًا، قَليلًا أو كَثيرًا، وَيُسَلِّمُ العدَدُ القَليلُ المارُّ أو المُقبِلُ عَلى العَدَدِ الكَثيرِ، فإذا مَرَّ فرْدٌ أو جَماعةٌ بغَيرِهم أكْثرَ منهم، ألْقَوا التَّحيَّةَ والسَّلامَ، ويُسلِّمُ أحَدُهم، ولا يَلزَمُ أنْ يُسلِّموا كُلُّهم، وهو مِن بابِ التَّواضُعِ؛ لِأنَّ حَقَّ الكَثيرِ أعْظَمُ، فإذا كانوا فَردَينِ مُتقابِلَينِ، أو كانت الجَماعَتانِ مُتَكافِئَتينِ مُتَساوِيَتينِ؛ فخَيرُهم الذي يَبْدأُ بالسَّلامِ ويَفتَتِحُه.
وهذا من بابِ تنظيمِ التحِيَّةِ والسَّلامِ بين النَّاسِ حتى لا يختَلِفوا فيمن يبدأُ بالسَّلامِ، فإنَّ الكَبيرَ إذا سلَّمَ على الصَّغيرِ، أو سلَّمَ الجالِسُ على الماشي، أو سلَّمَ الماشي على الرَّاكبِ؛ جاز، ولكنَّه خِلافُ الأفضَلِ.