باب ما جاء في الوضوء على ما أمر الله تعالى 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد أبي صخرة؛ قال:
سمعت حمران يحدث أبا بردة في المسجد أنه سمع عثمان بن عفان يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتم الوضوء كما أمره الله، فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن" (2).
الوُضوءُ والصَّلاةُ يُطهِّرانِ الإنسانَ من آثارِ الذُّنوبِ والمَعاصي،
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: مَن أتمَّ الوُضوءَ كما أمَرَه الله تَعالى، أي: مَن أتَى بصِفَة الوُضوءِ على الصُّورَةِ التي ذكَرَها اللهُ في القُرآنِ الكَريمِ، فالصَّلواتُ المَكتُوباتُ، أي: المَفروضاتُ على العبدِ، كفَّاراتٌ لِمَا بَينهُنَّ، أي: تُكفِّرُ ما عَمِلَ مِن الذُّنوبِ الصَّغائرِ.
وقوله: "هذا حَديثُ ابنِ مُعاذٍ، وليس في حَديثِ غُندَرٍ: في إمارةِ بِشر، ولا ذِكر المَكتوبات"، أي: إنّ تِلك رِواية ابنِ مُعاذٍ، وهو: عُبَيدُ اللهِ بنُ مُعاذٍ راوي الحديثِ، وليس رِواية، غُندر، وهو: مُحمَّد بنُ جَعفرٍ راوي الحديثِ أيضًا، قولُه: (في إمارةِ بِشرٍ)، وذلك أنَّ ما في الرِّواية الأولي: عن جامِعِ بنِ شدَّاد، قال: سمعتُ حِمرانَ بنَ أبانَ، يُحدِّث أبا بُردةَ في هذا المسجدِ في إمارةِ بِشرٍ، أنَّ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ... الحديثَ، ولا ذِكر لقوله: (المكتوبات)، أي: كما ثبَت في رواية ابن معاذ. وهذا يدلُّ على الضَبْطِ والدِّقَّة في رِوايةِ الحديثِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على إتمامِ الوُضوءِ وإعطاءِ كلِّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ.
وفيه: بيانٌ لسَعَةِ رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ في إعطائِه الخيرَ الكثيرَ على العَملِ القليلِ.