باب ما جاء في تعليم النسب
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن عبد الملك بن عيسى الثقفي، عن يزيد، مولى المنبعث، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر»: هذا حديث غريب من هذا الوجه ومعنى قوله: «منسأة في الأثر» يعني زيادة في العمر
صِلةُ الرَّحمِ من أفضلِ الطَّاعاتِ الَّتي يَتقرَّبُ بها العَبدُ إلى ربِّه، وقد أمَرَ اللهُ بها، وحذَّرَ مِن قَطْعِها وجَعَلَ قَطْعَها مُوجِبًا لِلعذابِ، ووصْلَها مُوجبًا لِلمَثوبةِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "تَعلَّموا من أنسابِكم"، أي: مِن أسماءِ آبائِكم وأجدادِكم وأعمامِكم وأخوالِكم وسائرِ أقاربِكم، "ما تَصِلون به أرحامَكم"، أي: تَعلَّموا القدْرَ الذي يمكِّنُكم من التقرُّبِ لأرحامِكم والشَّفقةِ عليهم والإحسانِ إليهم؛ "فإنَّ صِلةَ الرحمِ مَحبَّةٌ في الأهْلِ"، أي: إنَّها مَظِنَّةٌ للحُبِّ وسَببٌ للودِّ بين الأقاربِ، "مَثراةٌ في المالِ"، أي: سببٌ لكثرةِ المالِ، "منسأةٌ في الأثَرِ"، أي: سببٌ لتأخيرِ الأجَلِ ومُوجِبٌ لزِيادةِ العُمرِ، بِالبركةِ فيه، والتَّوفيقِ لِلطَّاعاتِ، وعِمارةِ أوقاتِه بما يَنفعُه في الآخِرةِ، وصِيانتِه عن الضَّياعِ في غيرِ ذلك.
وفي الحديثِ: أنَّ مَعرفةَ الأنسابِ يُعينُ على صِلَةِ الأرحامِ.
وفيه: دَلالةٌ على أنَّ الصِّلةَ تتعلَّقُ بذوي الأرحامِ كلِّها لا بالوالدَينِ فقط( ).