باب ما جاء في ثواب الشهداء1
سنن الترمذى
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي الكوفي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة، فقال جبريل: إلا الدين "، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إلا الدين»: وفي الباب عن كعب بن عجرة، وجابر، وأبي هريرة، وأبي قتادة وهذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي بكر إلا من حديث هذا الشيخ. " وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فلم يعرفه، وقال: أرى أنه أراد حديث حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس أحد من أهل الجنة يسره أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد»
الدُّيونُ حُقوقٌ تكونُ بيْن العِبادِ، وهي نَوعٌ مِن أنواعِ التَّعاملاتِ الماليَّةِ الَّتي أوجَبَ الإسلامُ الوفاءَ بها وَرَدَّها لأهْلِها، وعدَمَ المُماطَلةِ فيها؛ فالمَدِينُ يَنبغي له أنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَه مِن الدَّيْنِ المُسْتَحَقِّ عليه، حِفاظًا على حُقوقِ النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ القَتْلَ والشَّهادةَ في سَبيلِ اللهِ يكونُ سببًا لتَكفيرِ كلِّ شَيءٍ مِنَ الخَطايَا عن المقتولِ الشَّهيدِ، إلَّا الدَّيْنَ الَّذي يَبْقى على الشَّهيدِ ولم يَترُكْ ما يُقْضى به عنه؛ وذلك لأنَّ دَيْنَ الآدَمِيِّ لا بُدَّ مِن إيفائِه إمَّا في الدُّنيا وإمَّا في الآخِرَةِ؛ ولا يَنبغِي للإنسانِ أنْ يَتساهَلَ في أمرِ الدَّيْنِ، وما يكونُ في مَعناه مِن حُقوقِ الآدميِّينَ.
وفي الحديثِ: تَنبِيهٌ على جَميعِ حُقوقِ الآدَمِيِّينَ، وأنَّ الجهادَ والشَّهادَةَ وغيرَهما مِن أعمالِ البِرِّ لا يُكفِّر حُقوقَ الآدَمِيِّينَ، وإنَّما يُكفِّر حُقوقَ الله تعالى.
وفيه: التَّشديدُ في أمْرِ الدُّيونِ، وأنَّه يَعلَقُ على المَدينِ بعْدَ مَوتِه حتَّى يُقْضى عنه بأيِّ صُورةٍ.
وفيه: حِمايةُ الإسلامِ لحُقوقِ النَّاسِ الماليَّةِ.