باب ما جاء في حفظ اللسان4
سنن الترمذى
حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة»: أبو حازم الذي روى عن أبي هريرة اسمه: سلمان مولى عزة الأشجعية وهو كوفي، وأبو حازم الذي روى عن سهل بن سعد هو: أبو حازم الزاهد مدني، واسمه: سلمة بن دينار وهذا حديث حسن غريب
لِسانُ الإنسانِ وفَرْجُه مِن نِعَمِ اللهِ العَظيمةِ، ولَطائفِ صُنعِه البَديعةِ؛ فاللِّسانُ مع صِغَرِ جِرْمِه عَظيمٌ طاعتُه وجُرْمُه، وقدْ يكونُ سَببًا في دُخولِ الجنَّةِ، أو انْكِبابِ صاحِبِه على وَجْهِه في النَّارِ، والفرْجُ هو موضِعُ الحِفاظِ على الشَّرَفِ والأعراضِ والنَّسْلِ؛ لذا يَنْبغي للمُسلِمِ أنْ يَحفَظَهما.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ مَن يَلتزِمُ بأداءِ الحقِّ الَّذِي على اللِّسانِ، وعَبَّرَ عنه بقَولِه: «ما بيْن لَحْيَيْهِ»؛ لأنَّه يقَعُ بيْن اللَّحْيَيْنِ، وهما العَظْمَانِ في جَانِبَيِ الفَمِ، فيَجتَنِبُ كلَّ ما حُرِّم فِعلُه باللِّسانِ، كالغِيبةِ والنَّمِيمَة، والسَّبِّ والقَذفِ، وما شابَهه، ويَفعَلُ ما يَجِبُ عليه مِن ذِكرٍ، وأمْرٍ بمَعْروفِ ونهْيٍ عن مُنكَرٍ، وكذلك يَلتزِمُ بحِفظِ فَرْجِه الذي بيْنَ رِجْلَيْهِ، كاجتنابِ الزِّنا وتَرْكِ الفَواحِش واللِّواطِ ووَسائلِ ذلك؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَضمَنُ له الجنَّةَ، فيكونُ جَزاءُ مَن حَفِظَ لِسانَه وفَرْجَه الجنَّةَ يومَ القيامةِ، كما أنَّ مَن لم يَحفَظْهما يَنتَظِرُه العذابُ يومَ القيامةِ.
وخُصَّ اللِّسانُ والفَرْجُ؛ لأنَّهما أعظَمُ البَلاءِ على الإنسانِ في الدُّنيا، فمَن وُقِيَ شَرَّهما وُقِيَ أعظَمَ الشَّرِّ، وكما أنَّ الإنسانَ مَجبولٌ على شَهوةِ النِّساءِ، فكذلك في اللِّسانِ شَهوةُ الكلامِ؛ فبَعضُ النَّاسِ يَتلذَّذُ إذا تَكلَّم في أعراضِ النَّاسِ.