باب: ما جاء في غلول الأمراء وتعظيم أمره
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك. (م 6/ 10
حَذَّر الشَّرعُ الإسلاميُّ المُطهَّرُ تَحذيرًا شَديدًا مِنَ الغُلولِ، وهو الخِيانةُ والسَّرِقةُ مِنَ الغَنيمةِ قبْلَ قِسمَتِها، وبَيَّنَ أنَّ عُقوبَتَه تَكونُ على رُؤوسِ الأشهادِ يَومَ القيامةِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قام فيهم خَطيبًا، فتَعرَّضَ لذِكرِ الغُلولِ وبَيانِ حُكْمِه، وشدَّدَ في الإنكارِ على فاعلِهِ، وأخبَرَ أنَّه لا يَأخُذُ أحَدُ مِنَ المَغنَمِ شَيئًا بغَيرِ حَقٍّ، إلَّا جاءَ يَومَ القيامةِ وهو يَحمِلُ ما سَرَقَه على رَقبَتِه، فيَأتي الرَّجُلُ وهو يَحمِلُ شاةً لها ثُغاءٌ -وهو صَوتُ الشَّاةِ- ويَأتي الرَّجُلُ وهو يَحمِلُ على رَقَبَتِه فَرَسًا «له حَمحَمةٌ» وهو صَوتُ الفَرَسِ إذا طَلَبَ العَلَفَ، ويَأتي الرَّجلُ وهو يَحمِلُ على رَقَبَتِه بَعيرًا أو جَمَلًا لهُ رُغاءٌ -وهُوَ صَوْتُ البَعيرِ- ويَأتي الرَّجلُ وعلى رَقَبَتِه «صامِتٌ» وهو الذَّهَبُ والفِضَّةُ المَغلولةُ، ويَأتي الرَّجلُ وعلى رَقَبَتِه «رِقاعٌ»، جَمعُ رُقعةٍ، وهي الخِرقةُ، «تَخفِقُ»، أي: تَتَحرَّكُ إذا حَرَّكَتْها الرِّياحُ، أو تَلمَعُ
كلُّ هؤلاء يُنادُون رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَشفَعَ لهم عِندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ أنْ يَرفَعَ عنهم هذا العَذابَ، فتَكونُ الصَّدمةُ أنْ يُخبِرَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّه لا يَملِكُ لهم عِندَ اللهِ شَيئًا مِنَ المَغفِرةِ أوِ الشَّفاعةِ؛ لِأنَّ الشَّفاعةَ تَكونُ بأمْرِ اللهِ وإذنِه، ثمَّ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لكلِّ واحدٍ منهم: «قدْ أبلَغتُكَ»، فأنذَرتُكَ عاقِبةَ هذا الفِعلِ وأنتَ في الدُّنيا، فلمْ تَستجِبْ، فغَلَلْتَ وسَرَقتَ، فاستَحَقَّيتَ العُقوبةَ مِن اللهِ تعالَى. وحِكمةُ الحَملِ على الرَّقَبةِ هي فَضيحةُ الحامِلِ على رُؤوسِ الأشهادِ في ذلك المَوقِفِ العَظيمِ، وقال بَعضُهم: هذا الحَديثُ يُفسِّرُ قَولَه تَعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]، أي: يأتِ به حامِلًا له على رَقَبَتِه
وفي الحَديثِ: أنَّ العُقوباتِ قدْ تَكونُ مِن جِنسِ الذُّنوبِ، بأنْ يَجعَلَها اللهُ سُبحانَه وتعالَى عِقابًا لِلشَّخصِ
وفيه: تَعديدُ بَعضِ أنواعِ الغُلولِ؛ لِيَكونَ إعلامًا لِلنَّاسِ بها