باب ما جاء في كراهية الصوم يوم الفطر والنحر1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن أبي عبيد، مولى عبد الرحمن بن عوف قال: شهدت عمر بن الخطاب في يوم النحر بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صوم هذين اليومين، أما يوم الفطر ففطركم من صومكم وعيد للمسلمين، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحوم نسككم»: «هذا حديث صحيح» وأبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف: اسمه سعد ويقال له مولى عبد الرحمن بن أزهر أيضا، وعبد الرحمن بن أزهر هو ابن عم عبد الرحمن بن عوف "
شُرِعَتِ الخُطبةُ في الجُمَعِ والأعيادِ والمناسباتِ؛ لحِكَمٍ كثيرةٍ، منها أن يَتعلَّمَ النَّاسُ منها أمورَ دِينهم ودُنياهم، فإذا ما صَعِد الإمامُ المِنبرَ جعَل غايتَه تعليمَ النَّاسِ، وإفهامَهم، وخاصَّةً ما يقعُ مِن مناسباتٍ شرعيَّةٍ تُصادِفُ تلك الخُطبةَ، وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو عُبيدٍ مولى عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ: "شهِدْتُ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ في يومِ النَّحرِ"؛ وسُمِّي بيومِ النَّحرِ لأنَّ الحُجَّاجَ يَنحَرون فيه هداياهُم، وهو اليومُ العاشرُ مِن ذي الحجَّةِ، وهو يومُ عيدِ الأضحى للمُسلِمين، "بدَأ بالصَّلاةِ قبل الخُطبةِ"، أي: صلَّى عمرُ بالنَّاسِ صلاةَ العيدِ، ثمَّ قام خطَب خُطبةَ العيدِ.
"ثمَّ قال"، أي: عمرُ رضِيَ اللهُ عنه في خُطبتِه: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَنهى عن صومِ هذينِ اليومينِ"، أي: يومِ عيدِ الفِطرِ، ويومِ عيدِ الأضحى، "أمَّا يومُ الفِطرِ"، أي: علَّةُ عدمِ صومِه، وهو اليومُ الأوَّلُ مِن شهرِ شوَّالٍ، "ففِطْرُكم مِن صومِكم"، أي: فيه أوَّلُ أيَّامِ فِطرِكم بعد صيامِكم لشهرِ رمَضانَ، "وعيدٌ للمسلِمينَ"، أي: فهو عيدٌ للمسلِمين، وفرحتُهم، وتلك علَّةٌ أخرى لعدمِ صومِه، "وأمَّا يومُ الأضحى"، أي: وعلَّةُ عدمِ صيامِ ذلك اليومِ، وهو يومُ العاشرِ مِن ذي الحجَّةِ، "فكُلُوا مِن لحومِ نُسُكِكم"، أي: فكلُوا مِن لحمِ الأضحيَّةِ، ولو كان يَومَ صومٍ لم يأكُلِ المسلِمُ مِن أُضحيَّةِ ذلك اليومِ بعد ذَبحِها مُباشرةً، وقيل: إنَّ فِطرَهما شَرْعٌ غيرُ مُعلَّلٍ، وفي أمرِ عُمَرَ رَضِي اللهُ تَعالى عَنه بالأكْلِ مِن لحمِ النُّسُكِ إشارةٌ إلى مَشروعيَّةِ الأكلِ مِن الأُضحيَّةِ.