باب ما جاء في النهي عن المسألة2
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانا، أو في أمر لا بد منه»: «هذا حديث حسن صحيح»
مدَحَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كِتابِه المَساكينَ الَّذين لا يَسأَلون النَّاسَ شَيئًا، وأكَّد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ذلك المعنى في ذَمِّه للسُّؤالِ والمسألةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "إنَّ المسألَةَ"، أي: سُؤالَ النَّاسِ والطَّلبَ مِنهُم، "كَدٌّ"، أي: تعَبٌ وإجهادٌ، "يَكُدُّ بها الرَّجُلُ وجهَه"، أي: يُتعِبُ السَّائلُ وجهَه بالمسألةِ، والمقصودُ أنَّ المسألةَ تَترُكُ أثَرًا وعيبًا في وجهِ السَّائلِ، وتُرِيقُ ماءَ وجهِه، وتُضيعُ كَرامتَه بينَ النَّاسِ، وفي روايةٍ مِن حديثٍ آخرَ: "جاءَت يومَ القيامةِ خُموشٌ، أو خُدوشٌ، أو كُدوحٌ في وجهِه"، أي: تَأتي كأثَرِ الجُرْحِ في الوجهِ يومَ القيامةِ كعَلامةٍ يُعرَفُ بها السَّائلُ أمامَ الخلائقَ، "إلَّا أن يَسأَلَ الرَّجلُ سُلطانًا"، أي: إلَّا أن تَكونَ المسألةُ لِمَلِكٍ أو أميرٍ أو خليفةٍ أو وليِّ أمرٍ، فلا مَذمَّةَ في أن يَسأَلَ الرَّجلُ السُّلطانَ حقَّه مِن بيتِ مالِ المسلِمينَ، "أو في أمرٍ لا بدَّ مِنه"، أي: وكَذلك لا مَذمَّةَ في أن يَسأَلَ الرَّجلُ مَسألةً لأمرٍ ضروريٍّ لا يتمُّ تحصيلُ منفَعتِه إلَّا بالمسألةِ، ولو كان غنيًّا؛ فضَرورةُ تَحصيلِ المنفَعةِ بالمسأَلةِ يَدخُلُ فيها الغنيُّ والفقيرُ، كأن تَكونَ أصابَتِ الغنيَّ مُصيبةٌ اجْتاحَتْ مالَه، أو هُدِم بيتُه ولا سَكَن يُؤْويه.
وفي الحديثِ: التَّرهيبُ مِن سُؤالِ النَّاسِ.