باب ما روى أن عاشوراء اليوم التاسع

باب ما روى أن عاشوراء اليوم التاسع

حدثنا سليمان بن داود المهرى حدثنا ابن وهب أخبرنى يحيى بن أيوب أن إسماعيل بن أمية القرشى حدثه أنه سمع أبا غطفان يقول سمعت عبد الله بن عباس يقول حين صام النبى -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء وأمرنا بصيامه قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع ». فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

يومُ عاشوراءَ هو يومُ العاشرِ مِنَ الْمُحرَّمِ، وكانت قُرَيشٌ تَصومُه، فلمَّا قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم المدينةَ صامَه على عادتِه وأمَرَ بِصيامِه، وكان صِيامُه فَرْضًا قَبْلَ رمَضانَ، إلى أنْ نَزَلَ صَومُ رمضانَ على الْمُسلمينَ، فكانتِ الفريضةُ صَومَ رمَضانَ فَقطْ، وأصبَحَ صَومُ عاشوراءَ مُخيَّرًا فيه؛ مَن شاءَ صامَه، ومَن شاءَ تَرَكَه
وفي هذا الحديثِ يُخبِر عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حِينَ صام يومَ عَاشُورَاءَ، وأمَر أصحابَه رَضِي اللهُ عنهم بصِيامِه، فقالوا له: «يا رسولَ الله، إنَّه يومٌ تُعظِّمُه اليَهُودُ والنَّصارَى» بالصَّومِ أيضًا؛ لأنَّه يومٌ نَجَّى اللهُ فيه مُوسَى عليه السَّلامُ مِن فِرْعَوْنَ وجُنودِه، وإنَّما ذكَرَ الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ذلك؛ لِما عُرِفَ عنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه كثيرًا ما يَقصِدُ مُخالَفةِ اليهودِ والنَّصارى، فكان جوابُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -كما في الصَّحيحينِ-: «نحْنُ أَولى بمُوسى منهم، فصُومُوه»، أيْ: بِمُوافقَتِهِ في شُكرِ اللهِ تعالَى، والفَرحةِ بِنَجاتِهِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُوافِقٌ لهُ في أَصلِ الدِّينِ، أمَّا اليهودُ فقدْ حرَّفوا وغيَّروا وبدَّلوا، فَصامَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وأَمَرَ النَّاسَ بِصيامِهِ. وقد جاء في صَحيحِ مُسلمٍ في فَضْلِ صيامِه أنَّه يُكفِّر ذُنوبَ سَنةٍ قَبْلَه
ثمَّ عَزَم رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على أنْ يَصُومَ التَّاسِعَ مع العاشِرِ؛ لمُخالَفةِ أهلِ الكتابِ في صَومِهم العاشرَ فقطْ، ويُخبِرُ ابنُ عبَّاسٍ أنَّه لم يأتِ العامُ المُقبِلُ إلَّا وقد تُوفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم
وفي الحديثِ: مُخالَفَةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لِليَهُودِ والنَّصارَى
وفيه: بَيانُ أهمِّيَّةِ يومِ عاشوراءَ، وتَعظيمِ المُسلِمينَ له