باب ما يقال عند النوم

باب ما يقال عند النوم

حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبيه عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدرى ما خلفه عليه ثم ليضطجع على شقه الأيمن ثم ليقل باسمك ربى وضعت جنبى وبك أرفعه إن أمسكت نفسى فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ».

علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الآداب التي ينبغي مراعاتها في كثير من الأوقات، وفي هذا الحديث يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أدبا من آداب ما قبل النوم، وهو من صيانة الشريعة للمسلم في بدنه؛ فإذا أراد المسلم أن ينام على فراشه، فلينفضه، وذلك باستخدام داخلة إزاره، أي: بطرف إزاره الذي يكون تجاه جسده في أعلى الإزار، والإزار: هو الثوب الذي يحيط بالنصف الأسفل من البدن ويستره، وفي رواية عند البخاري: «ثلاث مرات» للمبالغة، وليكون ذلك وترا، وكونه بداخلة الإزار؛ قيل: حتى لا يتسخ، أو لأن المتحول إلى فراشه يحل بيمينه خارجة الإزار، وتبقى الداخلة معلقة فينفض بها. وقيل: داخلة الإزار: هو الطرف المتدلي الذي يضعه المؤتزر، وبذلك ينفض الفراش ويده مستورة بطرف إزاره؛ لئلا يحصل في يده مكروه إن كان هناك شيء ضار
وفي رواية للبخاري: «فلينفضه بصنفة ثوبه»، أي: بطرفه، ولو فعل ذلك بغير طرف ثوبه حصل المقصود.
ثم بين سبب النفض بأنه لا يدري ما جاء بعده وأعقبه في الفراش، كقذر أو هوام، خاصة وأن البيوت حينئذ كانت مظلمة، ولم يكن فيها المصابيح ليروا ما بالفراش، وليس عند الناس فسحة وسعة في الثياب، وأيضا لم يكن البيت محكم الغلق ضد الآفات وغيرها؛ فأمر بنفض الفراش بداخلة الإزار لئلا تؤذيه الهوام
ثم بعد أن ينظف الفراش يدعو بهذا الدعاء؛ يقول: «باسمك ربي»، أي: مستعينا باسمك يا ربي، «وضعت جنبي، وبك أرفعه»، أي: بإقدارك إياي على وضع جنبي وضعته، وبإقدارك إياي على رفعه أرفعه، كما أنه بقدرتك وإحيائك إياي أحيا، وبإماتتك إياي أموت، فلا حول لي ولا قوة إلا بك، وقد عبر بالوضع والرفع في الحديث عن النوم والاستيقاظ منه. «إن أمسكت نفسي» فقبضت روحي في منامي، فاجعلني في رحمتك ومغفرتك «وإن أرسلتها» ولم تقض عليها الموت وقامت من منامها لمعاشها، «فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» بأن تجعلني من أهل الطاعة والصلاح، ومن أهم أنواع حفظ نفس المؤمن الصالح: عصمتها عن المعاصي والذنوب، وهذا من اتخاذ الأسباب المادية والشرعية لحماية النفس من مخاطر المخلوقات وغيرها حين نومه وغفلته عما هو حوله، فيكون في رعاية الله وحده