باب فى النهى أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة

باب فى النهى أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد بن أوس قال خصلتان سمعتهما من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إن الله كتب الإحسان على كل شىء فإذا قتلتم فأحسنوا ». قال غير مسلم يقول « فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ».

دين الإسلام هو دين الرحمة والإحسان، والرحمة في الإسلام ليست رحمة الإنسان بالإنسان فقط، بل يدخل فيها الرحمة والإحسان بالحيوان وكل شيء أيضا
وفي هذا الحديث يخبر شداد بن أوس رضي الله عنه أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصلتين، فأخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان»، أي: أمر وحض على الإحسان «على كل شيء»، يعني: أن الإحسان ليس خاصا بشيء معين من الحياة، بل هو في جميع الحياة
ثم بين صلى الله عليه وسلم أن من الإحسان الإحسان إلى ما يذبح أو يقتل، والمعنى: أحسنوا هيئة القتل والذبح لما يجوز قتله أو ذبحه من الدواب؛ فالحيوان الذي أريد ذبحه مما يؤكل لحمه؛ كالإبل، والبقر، والأغنام، والطيور التي تؤكل، ونحوها، فإنما يكون ذلك بأن يحد الذابح شفرته، وهي السكين أو السيف الذي سيقتل أو يذبح به ليقوى على الإجهاز عليه، ويكون أسرع لموته، كما بين أيضا أن من الإحسان إلى الذبيحة أن يريحها عند الذبح، كأن يضع رجله على صفحة المذبوحة لئلا تضطرب، وليتمكن من إزهاق روحها بحيث يمر السكين بقوة وسرعة، ومن مظاهر الإحسان أيضا في ذلك: ألا تحد الشفرة أمام الذبيحة وهي تنظر إليها، وألا تذبح وهناك من الماشية ما ينظر إليها؛ فكل ذلك من الإحسان الذي أمر به المولى عز وجل. ويدخل في ذلك أيضا ما يقتل لكونه من الحيوانات الضارة التي أمر الإسلام بقتلها؛ كالفأرة، والعقرب، والغراب، والكلب العقور -وهو الذي يجرح الناس، ويعدو عليهم، ويخيفهم-، أو كان الأذى في طبعها، ويدخل أيضا الإحسان في قتل الآدمي الذي يباح قتله شرعا، فيكون قتله بأسهل وجوه القتل
وفي الحديث: بيان للطف الله تعالى بعباده، ورحمته، ورأفته بهم
وفيه: الحث على الإحسان في كل شيء