باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع 1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني، ويعقوب بن حميد بن كاسب، قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قال: "سمع الله لمن حمده" قال: "ربنا ولك الحمد" (2).
صِفةُ الصَّلاةِ تَوقيفيَّةٌ بَيَّنها رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه قولًا وعمَلًا، وقد حرَص الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم على مَعرفةِ دَقائقِ أفعالِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ وغَيرِها، ونقْلِ ذلك لِمَن بَعدَهم.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ عبدُ الله بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما المَواضِعَ الَّتي كان يَرفَعُ فيها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدَه أثناءَ التَّكبيرِ في الصَّلاةِ، فيقولُ: كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرفَعُ يَدَيه «حَذْو مَنكِبَيْهِ»، يعني: إزاءَ أو مُقابِلَ مَنكِبَيْهِ، والمَنكِبُ هو: مَجْمَعُ عَظمِ الكَتِفِ والعَضُدِ. وفي رِوايةِ مالكِ بنِ الحُوَيْرِثِ في الصَّحيحَينِ: «أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا كبَّرَ رفَعَ يدَيهِ حتَّى يُحاذِيَ بهما أُذُنَيْهِ...»؛ فدلَّتْ هذه الرِّوايةُ على مَشروعيَّةِ رفْعِ اليدَينِ حَذْوَ الأُذنَينِ أيضًا.وكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرفعُ يدَيْه إذا افتَتَح الصَّلاةَ عِندَ تَكبيرةِ الإحرامِ حتَّى تَصيرا مُقابِلَ مَنْكِبَيه، مُحاذيَينَ لهُما تمامًا. وكان يَرفَعُهما صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيضًا إذا كبَّر للرُّكوعِ، وكان يَرفَعُهما صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيضًا إذا رَفَع رأسَه مِن الرُّكوعِ، وقال: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه ربَّنا ولَك الحَمدُ. وكان لا يَفعلُ ذلِك في السُّجودِ، يعني: كان لا يَرفعُ يدَيْه عندَ ابتِداءِ السُّجودِ، ولا عِندَ الرَّفعِ منه. ومِن المَواضعِ الَّتي كان يَرفَعُ فيها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدَه: عِندَ القِيامِ مِن التشهُّدِ الأوَّلِ، كما في رِوايةِ أبي حُمَيدٍ السَّاعديِّ عندَ أبي داودَ وغيرِه.