باب وضع اليدين على الركبتين 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن حارثة ابن أبي الرجال، عن عمرة
عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركع فيضع يديه على ركبتيه، ويجافي بعضديه (1).
كان التَّابِعون يَحرِصون أشدَّ الحِرصِ على تَعلُّمِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مِن أصحابِه رَضِي اللهُ عَنْهم.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ سالمٌ البَرَّادُ: "أتَيْنا عُقبةَ بنَ عمرٍو الأنصاريَّ أبا مَسعودٍ، فقُلنا له: حَدِّثْنا عن صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: أخبِرْنا عن كيفيَّتِها وصِفَتِها، "فقام"، أي: أبو مَسعودٍ، "بين أيدِينا في المسجِدِ"، أي: وقَف يُصلِّي أمامَنا، وهذا من بابِ التَّعليمِ بالعَملِ، "فكبَّر"، أي: تكبيرةَ الإحرامِ، "فلمَّا ركَع وضَع يدَيه على رُكبتَيه، وجَعَل أصابِعَه أسفلَ مِن ذلك"، أي: أسنَد كفَّه على رُكبَتِه ممدِّدًا لأصابعِه، "وجافَى بينَ مِرفَقَيه"، أي: باعَدَهما عن جنبَيه، "حتَّى استَقرَّ كلُّ شيءٍ منه"، أي: استَوى في هيئتِه تِلك حتَّى اطمأنَّ كلُّ عضوٍ في مكانِه، ثمَّ قال عِندَ رفعِه مِن الرُّكوعِ: "سَمِع اللهُ لِمَن حَمِده، فقام حتَّى استقرَّ كلُّ شيءٍ منه"، أي: حتَّى اطمأنَّ كلُّ عضوٍ في مكانه، "ثمَّ كبَّر وسجَد ووضَع كفَّيه على الأرضِ ثمَّ جافَى بينَ مِرفَقَيه حتَّى استقرَّ كلُّ شيءٍ منه"، وهذه صِفةُ السُّجودِ التَّامِّ بوَضعِ الكفَّينِ على الأرضِ بمُحاذاةِ الوجهِ وأن يُباعِدَ ذِراعَيه، ويَرفَعَهما عن الأرضِ، "ثمَّ رفَع رأسَه، فجَلَس حتَّى استَقرَّ كلُّ شيءٍ منه، ففَعَل مِثلَ ذلك"، أي: سجَد السَّجدةَ الثَّانيةَ بمِثْلِ هيئةِ السَّجدةِ الأولى، "ثمَّ صلَّى أربعَ ركَعاتٍ مِثلَ هذه الرَّكعةِ"، أي: إنَّه صلَّى باقيَ الثَّلاثِ الرَّكعاتِ بمِثْلِ صِفةِ ركعَتِه الأولى، "فصلَّى صَلاتَه"، أي: انتَهى مِنها.
ثمَّ قال أبو مسعودٍ: "هكذا رأَينا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يُصلِّي"؛ فكان شأنُ صلاةِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّه يَطمئِنُّ فيها ولا يتعَجَّلُ، بل يُؤدِّي أركانَها وهيئاتِها بالتَّمامِ.
وفي الحديثِ: بيانُ صِفةِ صلاةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّها كانت مبنيَّةً على الاطمئنانِ فيها.
وفيه: بيانُ أنَّ الصَّحابةَ الكِرامَ نقَلوا السُّنَّةَ بأدَقِّ تَفاصيلِها بالقَولِ والعَملِ مع الأمانةِ والصِّدقِ.