باب النهي أن يصيب منها شيئا إلا بإذن صاحبها 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث بن سعد، عن نافع
عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قام فقال: "لا يحتلبن أحد ماشية رجل بغير إذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فيكسر باب خزانته، فينتثل طعامه؟ فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم، فلا يحتلبن أحدكم ماشية امرئ بغير إذنه" (1).
في هذا الحديثِ يُوضِّحُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضَرورةَ المُحافظةِ على أموالِ النَّاسِ، وألَّا يعتدِيَ بعضُهم على بعضٍ في أموالِهم، حيثُ يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "قام"، أي: يخطُبُ فيهم، "فقال: لا يَحتلِبَنَّ أحدُكم ماشيةَ رجُلٍ بغيرِ إذنِه"، الماشيةُ هي: الحيواناتُ المُستأنَسَةُ الَّتي يُربِّيها الإنسانُ من البَقرِ والغنمِ والإبلِ، وهذا نَهيٌ عن حلْبِ هذه المواشي في المراعي أو الحظائرِ إلَّا بإذنِ أصحابِها ومُلَّاكِها؛ "أيُحِبُّ أحدُكم أنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُه، فيُكْسَرَ بابُ خِزانتِه"، المَشرَبَةُ هي: الحُجرةُ الَّتي يَخْزُنُ فيها صاحِبُ الدَّارِ زادَه ومتاعَه، والمُرادُ بكسرِها: الاعتداءُ عليها، "فيُنْتَثَلَ طعامُه؟"، أي: فيُسْتَخْرَجَ طعامُه ويُؤْخَذَ، "فإنَّما تَخْزُنُ لهم ضُروعُ مواشيهم أطْعِماتِهم"، والضُّروعُ هي مخازِنُ اللَّبنِ في الحيواناتِ، وهي للحيواناتِ كالثَّديِ بالنِّسبةِ للمرأةِ، واللَّبنُ فيها بمَثابةِ أطعمتِهم، "ش"، وهذا التَّكرارُ مَزيدُ نَهيٍ وتأكيدٍ منه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقد ورَدَتْ رِواياتٌ أُخرى في السَّماحِ بالحلْبِ والشُّربِ، وأنَّ المرْءَ يُنادي على صاحبِ الإبلِ ثلاثًا؛ فإنْ أجاب استأذَنَه، وإنْ لم يُجِبْه حلَبَ وشرِبَ، كما عند ابنِ ماجَه، وهذا محمولٌ على أنَّ الإباحةَ هي لابنِ السَّبيلِ والمُضْطرِّ ومَن يكونُ في وقتِ المَجاعةِ، أو إذا عُرِفَ عن صاحبِ الماشيةِ الإذنُ بذلك، أو أنَّ عادةَ أهلِ المكانِ المُسامَحةُ في مثْلِ ذلك، على أنْ يشرَبَ ما يَكفيه ولا يَزيدَ على ذلك، ولا يأخُذَ مِن ألبانِها شيئًا يدَّخِرُه.