باب ما يقول إذا قام من مجلسه1
سنن الترمذى
حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر الكوفي واسمه أحمد بن عبد الله الهمداني قال: حدثنا الحجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " وفي الباب عن أبي برزة، وعائشة: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، لا نعرفه من حديث سهيل إلا من هذا الوجه»
كثيرًا ما يَحدُثُ في المَجالِسِ كلامٌ ليس له كبيرُ فائدةٍ أو نفعٍ، بل يكون لَغْوًا، وربَّما يكونُ فيه إثمٌ ومعصيةٌ، وفي هذا الحديثِ يُرشِدُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلى دُعاءٍ يَقولُه المسلِمُ عندَما يقومُ مِن مَجلِسِه، يكون كفَّارةً لِما أحدَثه في مجلِسِه من إثمٍ وذنبٍ، فيقولُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن جلَس في مَجلِسٍ"، أي: ما اجتمَع أحدٌ في مَجلسٍ مِن المجالِسِ، "فكَثُر فيه لَغَطُه"، أي: واللَّغَطُ هو الصَّوتُ المرتفِعُ الَّذي يكونُ فيه ضجَّةٌ، والمعنى: أنَّه يُكثِرُ الكلامَ الَّذي لا فائدةَ فيه ولا نَفعَ، "فقال قبلَ أن يَقومَ مِن مجلِسِه ذلك"، أي: قال قبلَ أن يُغادِرَ مَجلِسَه ذلك هذا الدُّعاءَ والذِّكرَ: "سُبحانَك اللَّهمَّ وبِحَمدِك"، أي: أُنزِّهُك تَنزيهًا عن كلِّ نقصٍ وعيبٍ، ويكونُ مَقرونًا بحَمدِك كما أمَرتَ، "أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا أنتَ"، أي: أُقِرُّ بأنَّك أنتَ اللهُ الواحدُ الأحدُ المستحِقُّ للعِبادةِ، "أستَغفِرُك"، أي: أطلُبُ مِنك مَغفرةَ ذَنبي وأتوبُ إليك ممَّا وقَع منِّي في مَجلِسي هذا مِن معصيةٍ وذَنبٍ؛ فإنَّه إذا قال هذا الدُّعاءَ بصِدقٍ وإخلاصٍ، "إلَّا غُفِر له"، أي: عَفا اللهُ عنه ومَحا "ما كان في مَجلِسِه ذلك"، أي: مِن مَعصيةٍ وإثمٍ.
وفي الحديثِ: فَضلُ هذا الذِّكرِ وبيانُ أنَّه كَفَّارةٌ للَّغَطِ الذي يَكونُ في المجالِسِ.