باب من قال يكبرون جميعا وإن كانوا مستدبرى القبلة
قال أبو داود وأما عبيد الله بن سعد فحدثنا قال حدثنى عمى حدثنا أبى عن ابن إسحاق حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة حدثته بهذه القصة قالت كبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكبرت الطائفة الذين صفوا معه ثم ركع فركعوا ثم سجد فسجدوا ثم رفع فرفعوا ثم مكث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالسا ثم سجدوا هم لأنفسهم الثانية ثم قاموا فنكصوا على أعقابهم يمشون القهقرى حتى قاموا من ورائهم وجاءت الطائفة الأخرى فقاموا فكبروا ثم ركعوا لأنفسهم ثم سجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسجدوا معه ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسجدوا لأنفسهم الثانية ثم قامت الطائفتان جميعا فصلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركع فركعوا ثم سجد فسجدوا جميعا ثم عاد فسجد الثانية وسجدوا معه سريعا كأسرع الإسراع جاهدا لا يألون سراعا ثم سلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلموا فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد شاركه الناس فى الصلاة كلها.
صلاة الخوف لها صفات كثيرة، تختلف هذه الصفات بحسب حال ومكان المسلمين من المشركين، وقد شرع الله عز وجل هذه الصفات على حسب الأحوال؛ تيسيرا على الناس
وفي هذا الحديث تقول عائشة رضي الله عنها: "كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم" تكبيرة الإحرام، "وكبرت الطائفة الذين صفوا معه"، وهي الطائفة الأولى، "ثم ركع" رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فركعوا"، أي: الطائفة الأولى، "ثم سجد" رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة الأولى، "فسجدوا"، أي: الطائفة الأولى معه، "ثم رفع" رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من السجدة الأولى، "فرفعوا"، أي: رفعت الطائفة الأولى رؤوسهم من السجدة الأولى
قالت: "ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا" بين السجدتين، ولم يسجد السجدة الثانية للركعة الأولى، "ثم سجدوا"، أي: الطائفة الأولى، "لأنفسهم" السجدة الثانية، ثم قاموا "فنكصوا على أعقابهم"، أي: رجعوا، "يمشون القهقرى"، أي: يرجعون بظهورهم لا يستدبرون القبلة، "حتى قاموا من ورائهم"، أي: من وراء الطائفة الثانية التي كانت مقابلة العدو، وجاءت "الطائفة الأخرى"، أي: الثانية، "فقاموا فكبروا" تكبيرة الإحرام، "ثم ركعوا لأنفسهم"، من غير أن يشركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم" السجدة الثانية التي بقيت له من ركعته الأولى، "فسجدوا معه" السجدة الأولى
"ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم" بعد أن فرغ من سجدتيه لركعته الأولى إلى الركعة الثانية، "وسجدوا"، أي: الطائفة الثانية، لأنفسهم الثانية، ثم قامت الطائفتان جميعا فصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فركع" رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فركعوا" كلهم، "ثم سجد" رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فسجدوا" كلهم، "جميعا"، أي: السجدة الأولى، "ثم عاد" رسول الله صلى الله عليه وسلم، "فسجد الثانية"، أي: السجدة الثانية للركعة الثانية، وسجدوا معه سريعا "كأسرع الإسراع"، أي: كأشد الإسراع، "جاهدا"، أي: ساعيا في السرعة جاهدا فيه، "لا يألون سراعا"، أي: لا يقصرون في السرعة؛ لأن الطائفتين كلهم مشتغلون في الصلاة، فيجتهدون في السرعة مخافة هجوم العدو، "ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا"، أي: الطائفتان جميعا، "فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: فرغ من الصلاة، "وقد شاركه الناس في الصلاة كلها"؛ باعتبار الطائفتين؛ فكلهم صلى جزءا من صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم
وهذه إحدى الكيفيات المروية في صلاة الخوف؛ اتفقت كلها على أنها ركعتان، ولكن اختلفت في كيفية الصلاة خلف الإمام، وفي كيفية تسليم الإمام