باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة (3)
الكَلِمةُ الطَّيِّبةُ الصَّالِحةُ تَبعَثُ الاطْمِئنانَ والرَّاحةَ في النَّفسِ، لا سيَّما في أوقاتِ الكَرْبِ، فتُعْطي الإنسانَ بُشْرى لِرَفعِ الكَرْبِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُعجِبُه"، أي: يَستحسِنُ ويُفضِّلُ، "الفأْلَ الحسَنَ"، وقد سأَله الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم في الحديثِ المتَّفَقِ عليه مُستفسِرين عن معنى الفَألِ، "فقالوا: وما الفألُ؟ فقال لهم: الكلمةُ الصَّالحةُ يَسمَعُها أحَدُكم"، فتَجعَلُه يُحسِنُ الظنَّ بربِّه، وتشرَحُ صدرَه وتُريحُ فُؤادَه.
وقولُه: "ويَكْرَهُ الطِّيَرةَ"، وهي التَّطيُّرُ، وهو مَعْنًى قد يُستخدَمُ في الخيرِ والشَّرِّ، ولكنَّ أغلَبَه يكونُ في التَّشاؤُمِ والشَّرِّ؛ فليس لأحدٍ أنْ يَظُنَّ أنَّ ما جعَله سببًا للتَّشاؤمِ سواءٌ كان مخلوقًا أو مكانًا أو زمانًا هو السَّببُ فيما يحدُثُ له، بل كلُّ شيءٍ بقدَرِ اللهِ عزَّ وجلَّ. والفألُ الحسَنُ كما أنَّه يَشرَحُ الصَّدرَ فإنَّه يُساعِدُ على انبِعاثِ الأمَلِ وعدمِ اليأسِ، وحُسنِ الظَّنِّ باللهِ عزَّ وجلَّ. وعِندَ ابنِ ماجَهْ في الحديثِ القدسيِّ، قال الله عزَّ وجلَّ: "أنا عِندَ ظنِّ عبدي بي"، وكان عليه السَّلامُ: يكرَهُ الطِّيرةَ؛ لأنَّها مِن أعمالِ أهلِ الشِّركِ، ولأنَّها تَجلِبُ ظنَّ السُّوءِ باللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن التَّشاؤُمِ بالأحداثِ والزَّمانِ والمكانِ؛ لأنَّ كلَّ شيءْ بقدَرِ اللهِ.
وفيه: التَّوجيهُ إلى التَّفاؤُلِ والاستبشارِ بالكلمةِ الطَّيِّبةِ.