باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل
بطاقات دعوية
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أتيت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها (وفي رواية: برأسها 69/ 2) نحو السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ فأشارت [برأسها] أن (وفي رواية: أي) نعم، فقمت، [فأطال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة جدا 221/ 1] حتى تجلاني الغشي (15)، و [إلى جنبي قربة فيها ماء، ففتحتها، فـ] جعلت أصب فوق رأسي ماء، [فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع، ثم قام، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع، ثم رفع (16)، ثم سجد، فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد، فأطال السجود، ثم قام، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع، ثم رفع، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع ثم رفع، فسجد، فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد، فأطال السجود 181/ 1،] [فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تجلت الشمس، فخطب الناس] و، حمد الله، وأثنى عليه [بما هو أهله]، ثم قال: [أما بعد - قالت: ولغط (17) نسوة من الأنصار، فانكفأت (18) إليهن لأسكتهن، فقلت لعائشة: ما قال؟ قالت:] "ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا، حتى الجنة والنار،
[قال: قد دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها، ودنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم؟ فإذا امرأة - حسبت أنه قال:- تخدشها هرة، قلت: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا، لا أطعمتها، ولا أرسلتها تأكل - قال: حسبت أنه قال:- من خشيش أو خشاش (19)].
ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال- لا
أدري أي ذلك قالت أسماء-[فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة 2/ 102]، يؤتى
أحدكم، فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن- لا أدري أي ذلك
قالت أسماء-[شك هشام]، فيقول: هو محمد، [هو] رسول الله، جاءنا
بالبينات والهدى، فأجبنا، وآمنا، واتبعنا، [وصدقنا]، [وهو محمد (ثلاثا)]،
فيقال [له:] نم صالحا، فقد علمنا إن كنت موقنا (وفي رواية: لتؤمن به)، وأما
المنافق أو المرتاب- لا أدري أي ذلك، [شك هشام- فيقال له: ما علمك بهذا
الرجل؟]، فيقول: لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئا، فقلته".
[قال هشام: فلقد قالت لي فاطمة- امرأته-: فأوعيته (20)، غير أنها ذكرت ما يغلط عليه].
[قالت أسماء: لقد (21) أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتاقة في كسوف الشمس 2/ 29].
صلاةُ الكسوفِ تُصلَّى عند كسوفِ الشَّمسِ، وصِفةُ صلاتِها- كما وردَتْ في هذا الحديثِ- أن تكونَ ركعتينِ، في كلِّ ركعةٍ ركوعانِ، ففي هذا الحديثِ أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّمَ أطال القيامَ والقراءةَ، ثمَّ ركَع فأطال الرُّكوع، ثمَّ قام فأطال القيام، ثمَّ ركع مرَّةً أخرى، فأطال الرُّكوعَ، ثمَّ سجَد سجدتينِ وأطال فيهما، وكذا فعَل في الرَّكعةِ الثَّانيةِ، فتكونُ الصَّلاةُ ركعتينِ، في كلِّ ركعةٍ ركوعانِ وسُجودانِ، والسُّنَّةُ الإطالةُ في القراءةِ والرُّكوعِ والسُّجود.
وقد حدَّثهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بعد فراغِه مِن الصَّلاةِ عن مشهَدٍ مِن مشاهدِ الجنَّة والنَّارِ، أراها اللهُ سبحانه وتعالى له في صلاتِه، فرأى الجنَّةَ واقتربَتْ منه، ومِن شدَّةِ قُربِها يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّه لو اجتَرَأ عليها لأتَى بقِطافٍ مِن قِطافِها، أي: عنقودٍ مِن عناقيدِها، وهذا بيانٌ لشدَّةِ قُربِها منه صلَّى الله عليه وسلَّمَ في هذا المشهدِ، وكذا رأى النَّارَ قريبةً منه حتَّى ناجَى صلَّى الله عليه وسلَّمَ ربَّه، وقال له: «أي رَبِّ، وأنا معهم؟!» وهو استفهامٌ لاستعطافِه تعالى وإبعادِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ عنِ النَّارِ، وهو- لا شكَّ- بعيدٌ عنها، مغفورٌ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه وما تأخَّر، ولَمَّا دنَتْ منه النَّارُ رأى امرأةً تخدِشُها هِرَّةٌ، أي: تقشُرُ جِلدَها وتجرَحُها، فسأل عن ذنبِ هذه المرأةِ الَّذي أوقَعها في هذا العذابِ، فقيل له: إنَّ هذه المرأةَ حبسَتِ الهرَّةَ حتَّى ماتت جوعًا، فلا أطعمَتْها ولا تركَتْها تأكُلُ مِن خَشَاشِ الأرضِ، أي: حشَراتِها، وهذا يدُلُّ على أنَّ تعذيبَ الحيوانِ يترتَّبُ عليه العقوبةُ والنَّارُ.
وفي الحديث الوعيدُ الشَّديد لِمَن عذَّبَ عبادَ الله تعالى.