باب هل يحرم ما دون خمس رضعات
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبى عن مالك عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفى النبى -صلى الله عليه وسلم- وهن مما يقرأ من القرآن.
وضح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أمور الحلال والحرام كلها، ومن ذلك أنه بين أحكام الرضاع وما ينشأ عنه من أحكام تتعلق بالأنساب
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالمقدار الذي كان في أول الأمر يثبت به حكم الرضاع المحرم، وهو الذي تحرم به المرأة على الرجل أن يتزوجها كما يحرم عليه بالنسب، فأخبرت رضي الله عنها أنه كان مما أنزل في القرآن أن عشر رضعات معلومات يحرمن النكاح، ثم نسخ هذا العدد إلى خمس معلومات، أي: معروفات مشبعات في سن الرضاع في الحولين، كما عند الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام»، فما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئا؛ لأن الله عز وجل قال: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233]، والنسخ في القرآن على ثلاثة أنواع؛ أحدها: ما نسخ حكمه وتلاوته، والثاني: ما نسخت تلاوته دون حكمه، والثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته، وهذا الحديث فيه النوعان الأولان من النسخ؛ فنسخ (عشر رضعات معلومات يحرمن) حكما وتلاوة، ونسخت الخمس تلاوة فقط وبقي حكمها.
وقول عائشة رضي الله عنها: «فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن»، يعني: أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا، حتى إنه صلى الله عليه وسلم توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآنا متلوا؛ لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى