حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز أخبرنا سعيد بن سليمان حدثنا منصور بن أبى الأسود عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال صليت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال قلت لأنس أرآكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال نعم رآنا فلم يأمرنا ولم ينهنا.
الصَّلاةُ مِن أَفْضلِ الأعْمالِ الَّتي تُقرِّبُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ؛ لِذلكَ كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم وأرْضاهُم حَريصينَ علَيها؛ تقرُّبًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحَديثِ يَظهَرُ حِرصُ المُسلِمينَ على تعلُّمِ الدِّينِ؛ فيَرْوي التَّابِعيُّ مختارُ بنُ فُلفُلٍ أنَّه سألَ أنسَ بنَ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عنِ التطوُّعِ بالصَّلاةِ بعدَ صلاةِ العَصرِ، فأخبَرَه أنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه وهو في خلافَتِه كان يَضرِبُ الأَيديَ على صَلاةٍ بعدَ العَصرِ؛ وهو كنايةٌ عن نَهيِه عن تلك الصَّلاةِ؛ لأنَّه لم يَرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُ ذلكَ، والصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم كانُوا يَقتَدُونَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ شَيءٍ، فإنْ فعَلَ شيئًا تَسابَقوا على فِعلِه، وإنْ ترَكَ شَيئًا ترَكوهُ، وقد كانَ عُمرُ رَضيَ اللهُ عنه يَنهى عنِ الصَّلاةِ بعدَ العَصرِ خَشْيةَ إيقاعِ الصَّلاةِ في وَقتِ النَّهيِ، وهوَ عندَ غُروبِ الشَّمسِ، ثمَّ قالَ أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه: وكنَّا نُصلِّي على عهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ركعَتَينِ بعدَ غُروبِ الشَّمسِ قبلَ صَلاةِ المَغربِ، أي: ما بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، فسأَلَه مختارُ بنُ فُلفُلٍ: فهلْ صَلَّاهما الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقالَ أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه: كان يَرانا نُصلِّيهما فلمْ يَأمُرْنا ولم يَنهَنا، وهو بيانٌ لإقْرارِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم على مَشروعيَّةِ تلك النَّافلةِ
وفي الحَديثِ: الحثُّ على صَلاةِ النَّوافِلِ
وفيه: تَقريرُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للصَّلاةِ قبلَ المَغربِ