باب الجنب يتيمم

بطاقات دعوية

باب الجنب يتيمم

حدثنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر قال: دخلت في الإسلام فأهمني ديني، فأتيت أبا ذر فقال: أبو ذر إني اجتويت المدينة، فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وبغنم فقال لي: «اشرب من ألبانها» - قال حماد: وأشك في أبوالها، هذا قول حماد - فقال أبو ذر: فكنت أعزب عن الماء، ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار، وهو في رهط من أصحابه، وهو في ظل المسجد، فقال أبو ذر: فقلت: نعم. هلكت يا رسول الله، قال: «وما أهلكك؟» قلت: إني كنت أعزب عن الماء، ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور، فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء، فجاءت به جارية سوداء بعس يتخضخض ما هو بملآن، فتسترت إلى بعيري، فاغتسلت، ثم جئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا ذر: إن الصعيد الطيب طهور، وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء، فأمسه جلدك " قال أبو داود: «رواه حماد بن زيد، عن أيوب لم يذكر أبوالها» قال أبو داود: «هذا ليس بصحيح، وليس في أبوالها إلا حديث أنس تفرد به أهل البصرة»

‏( فأهمني ديني ) ‏ ‏: أي أقلقني وأحزنني , والمعنى أني أسلمت , لكن ما علمت مسائل الإسلام وأحكامه , فتحرجت به على أداء أركان الإسلام , فأحزنني وأقلقني ديني الذي هو عصمة أمري , لأن أجلس مجالس العلماء وأتعلم عنهم المسائل ‏ ‏( إني اجتويت المدينة ) ‏ ‏: قال ابن فارس : اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة
وقيده الخطابي بما إذا تضرر بالإقامة وهو المناسب
وقال القزاز : اجتووا أي لم يوافقهم طعامها
وقال ابن العربي : الجوى داء يأخذ من الوباء
وقال غيره : الجوى داء يصيب الجوف ذكره الحافظ ‏ ‏( بذود ) ‏ ‏: بفتح الذال هي من الإبل
قال ابن الأنباري : سمعت أبا العباس يقول : ما بين الثلاث إلى العشر ذود , وكذا قال الفارابي , والذود مؤنثة لأنهم قالوا : ليس في أقل من خمس ذود صدقة , والجمع أذواد , مثل ثوب وأثواب.
وقال في البارع : الذود لا يكون إلا إناثا
كذا في المصباح ‏ ‏( فكنت أعزب عن الماء ) ‏ ‏: بضم الزاي المنقوطة من باب نصر وضرب فيه لغتان , يقال عزب عني فلان يعزب عزوبا غاب وبعد , والمعنى أنه أبعد عن الماء ‏ ‏( وهو في رهط ) ‏ ‏: أي في جماعة وهو ما دون عشرة من الرجال ليس فيهم امرأة , وسكون الهاء أفصح من فتحها وهو جمع لا واحد له من لفظه ‏ ‏( يتخضخض ) ‏ ‏: بالخاء والضاد المعجمتين أولا ثم كذلك ثانيا , والخضخضة تحريك الماء , وأصل الخضخضة من خاض يخوض , لا من خض يخض
يقال : خضخضت دلوي في الماء خضخضة وتخضخض الماء تحرك ‏ ‏( ما هو ) ‏ ‏: أي العس ‏ ‏( إن الصعيد الطيب إلخ ) ‏ ‏وفي إطلاقه دليل على أن الحضر والسفر كلاهما متساويان للمسلم في الطهارة بالصعيد الطيب , وأنه يقوم مقام الماء , وإن لم يجد الماء عشر سنين , ولا يقتصر الحكم في السفر فقط , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصه موضعا دون موضع في جواز التيمم , بل أطلق وأنكر صلى الله عليه وسلم على عدم تطهر أبي ذر بالتيمم , وهو كان يسكن بالربذة وهو من قرى المدينة على ثلاثة أميال وهو صاحب هذه الواقعة ‏ ‏( وليس في أبوالها ) ‏ ‏: أي في شرب أبوال الإبل ‏ ‏( إلا حديث أنس ) ‏ ‏: بن مالك في قصة العرنيين ‏ ‏( تفرد به أهل البصرة ) ‏ ‏: أي ما روى حديث أنس أحد غير البصريين إلا نادرا
قال المنذري : وهذا الرجل الذي من بني عامر هو عمرو بن بجدان المتقدم في الحديث قبله , سماه خالد الحذاء عن أبي قلابة
وسماه سفيان الثوري عن أيوب رضي الله عنهم
انتهى