باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية
بطاقات دعوية
حديث علي رضي الله عنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب عليهم، وقال: أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني قالوا: بلى قال: عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها فجمعوا حطبا، فأوقدوا فلما هموا بالدخول، فقام ينظر بعضهم إلى بعض، قال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وسلم فرارا من النار، أفندخلها فبينما هم كذلك إذ خمدت النار، وسكن غضبه فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا، إنما الطاعة في المعروف
أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، ومن لوازم هذا الاعتصام اجتماع المسلمين على كلمة واحدة وإمام واحد؛ فإنهم إذا تعددت كلمتهم وتفرق أمراؤهم ضعف شأنهم وذهبت شوكتهم، وظهر عليهم عدوهم
وفي هذا الحديث يروي جنادة بن أبي أمية السدوسي: أنهم دخلوا على عبادة بن الصامت رضي الله عنه وهو مريض، فقالوا له: «أصلحك الله» وهي كلمة اعتادوا أن يقولوها عند الطلب، أو المراد الدعاء له بإصلاح جسمه ليعافى من مرضه، ثم طلبوا منه أن يحدثهم بحديث ينفعه الله بأجر تحديثه به، سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى في ذي الحجة، وكانت قبل عامين من الهجرة النبوية، كما جاء مصرحا به في رواية أحمد، «فبايعناه» وهي من مد الباع -وهي اليد- لأخذ العهد والميثاق، فكان فيما اشترط عليهم: أن بايعهم النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في حال نشاطهم وقوتهم، ويكون ذلك في الأمر الذي إذا أمر به الإنسان نشط له؛ لأنه يوافق هواه، وفي حال ما يكرهون، ويكون ذلك في الأمر الذي إذا أمر به الإنسان لم يكن نشيطا فيه؛ لأنه يكرهه، وكذلك بايعوا على أن يسمعوا ويطيعوا في حال عسرهم ويسرهم، أي: في حال الفقر والغنى، فيما أمر به ولاة الأمر، «وأثرة علينا»، أي: ولو اختص ولي الأمر نفسه ببعض الدنيا دونهم ظلما وتعديا منه، أو إذا فضل ولي الأمر عليهم غيرهم في الاستحقاق ومنعهم حقهم، فعليهم أن يصبروا ولا يخالفوه، وبايعهم على ألا ينازعوا الملك أهله، فلا يخرجوا على الإمام بالقتال، إلا أن يروا كفرا، فيجوز الخروج عليهم ومنازعتهم بشرط أن يكون الكفر «بواحا»، أي: ظاهرا يجهر ويصرح به، ويكون عندهم من الله في هذا الكفر نص من قرآن، أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل
وهذا يدل على ترك الخروج على الأئمة، وألا يشق المرء عصا المسلمين؛ حتى لا يتسبب في سفك الدماء وهتك الحرم، إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام؛ فلا طاعة لمخلوق عليه
وفي الحديث: الأمر بطاعة الأمراء على كل حال فيما يرضي الله عز وجل