باب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم
بطاقات دعوية
عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبث بمكة عشر سنين (211) ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا.
رافَقَ الصَّحابةُ رِضْوانُ اللهِ عليهم رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منذُ أنْ نزَلَ عليه الوَحيُ وهو في سنِّ الأربَعينَ، حتَّى أتَمَّ اللهُ عليه النِّعمةَ، وبلَّغَ الرِّسالةَ كما أمَرَه اللهُ عزَّ وجلَّ، وسَجَّلوا عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ ما يَتعلَّقُ بالنُّبوَّةِ والرِّسالةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو سَلَمةَ، عن أمِّ المؤمِنينَ عائِشةَ وابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهم: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَبِثَ في مكَّةَ عَشْرَ سِنينَ يَنزِلُ عليه القُرآنُ، وقدْ دَعا النَّاسَ إلى الإسْلامِ، فاشتَدَّ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعلى المُسلِمينَ معَه الأذى مِن أهلِ مكَّةَ، وضيَّقوا عليه، ومَنَعوه، فأمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالهِجْرةِ إلى المَدينةِ، فمكَثَ بها عَشْرَ سِنينَ، انتَشَرَ منها الإسْلامُ دَعْوةً وفَتحًا، ثمَّ توُفِّيَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ثَلاثٍ وستِّينَ سَنةً، وهذا مَحْمولٌ على أنَّهما رَضيَ اللهُ عنهما لم يَحتَسِبَا الثَّلاثَ السِّنينَ الأُولى الَّتي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعو فيها سِرًّا، إلى أنْ نزَلَ عليه قولُ اللهِ تعالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94]، فجهَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالدَّعْوةِ، وظَلَّ بعْدَ جَهْرِه عَشْرَ سِنينَ بمكَّةَ، فهذا -واللهُ أعلَمُ- هو مَقصِدُ عائِشةَ وابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهم في هذا الحَديثِ، وإلَّا فقدْ ورَدَ في الصَّحيحَينِ مِن رِوايةِ عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه أقام بمكَّةَ ثَلاثَ عَشْرةَ سَنةً.