باب قوله: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن}
بطاقات دعوية
عن عمر وعن أبي وائل عن عبد الله [بن مسعود 6/ 156] رضي الله تعالى عنه قال:
"لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء (وفي رواية: ولا أحد 5/ 196) أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه".
قلت: سمعته من عبد الله؟ قال: نعم. قلت: ورفعه؟ قال: نعم.
{وكيل}: حفيظ ومحيط به. {قبلا}: جمع قبيل، والمعنى: أنه ضروب للعذاب، كل ضرب منها قبيل. {زخرف القول}: كل شيء حسنته ووشيته (59) -وهو باطل- فهو زخرف. {وحرث حجر}: حرام، وكل ممنوع فهو حجر محجور، و (الحجر): كل بناء بنيته، ويقال للأنثى من الخيل: حجر، ويقال للعقل: حجر وحجى. وأما (الحجر): فموضع ثمود، وما حجرت عليه من الأرض فهو حجر، ومنه سمي حطيم البيت: حجرا، كأنه مشتق من محطوم؛ مثل: قتيل من مقتول، وأما (حجر اليمامة): فهو منزل.
اتَّصف اللهُ عزَّ وجَلَّ بكُلِّ كَمالٍ يَليقُ بذاتِه سُبحانَه، وتقدَّس وتنَزَّه عن كلِّ النَّقائِصِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكر أنَّه لَا أَحَدَ أشدُّ غَيْرَةً مِن اللهِ سُبحانه وتعالَى على عِبادِه، فاللهُ سُبحانَه وتعالَى يَغارُ أنْ تُنتهَكَ مَحارِمُه؛ ولذلك حرَّم الفواحِشَ، وهي كُلُّ خَصلةٍ قَبيحةٍ مِنَ الأقوالِ والأفعالِ، فاللهُ سُبحانَه حرَّم الفواحشَ سِرَّها وعَلانيَتَها، غَيْرَةً على عِبادِه وحِفظًا لِمَصالِحِهم، ومِن ثمَّ فظُهورُ الفواحشِ مُؤذِنٌ بخَطَرٍ عَظيمٍ، ومُؤذِنٌ بتَعْجيلِ العُقوبةِ.
وغَيْرةُ الله تعالى من جِنسِ صِفاتِه التي يختصُّ بها؛ فهي ليست مماثِلةً لغَيرةِ المخلوقِ، بل هي صِفةٌ تليقُ بعَظَمتِه، مِثلُ الغَضَبِ والرِّضا.
ولا أَحَدَ أشدُّ حُبًّا للمَدْحِ -وهو الثَّناءُ الجَميلُ بذِكرِ النِّعَمِ والفضائِلِ- وأكثَرُ إثابةً عليه مِن اللهِ تعالَى؛ ولذلك أَثْنَى سُبحانَه على نفْسِه؛ لِيُعلِّمَ عِبادَه كيفيَّةَ الثَّناءِ عليه.
وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفتَيِ الغَيرةِ والمحبَّةِ للهِ عزَّ وجلَّ على ما يَليق بكَمالِه وجَلالِه.